مانع اليامي

مشروع الصحوة خارج الخدمة

الجمعة - 03 نوفمبر 2017

Fri - 03 Nov 2017

أصاب ولي العهد السعودي عندما استعمل الصراحة الموزونة على الحقيقة طريقا لحديثه في الجلسة الحوارية في اليوم الأول من منتدى مستقبل الاستثمار- الرياض 24 أكتوبر. الشاهد أنه وضع النقاط على الحروف في كل الاتجاهات، والأهم أنه فتح الباب بوضوح مختصر على مصنع الأفكار المعاندة للواقع، ورفع في الوقت نفسه الغطاء عن العاملين على التطرف ووضعهم أمام محطة زوالهم.

السعودية كانت في أمس الحاجة إلى هذه الجرأة الواثقة الآتية من عزم مسؤول رفيع المستوى، أراد لبلاده الانفتاح والاعتدال، «الأمير» وضع القضية على الطاولة والظاهر أن الخلاصات اعتمدت على استنتاج غير وليد الصدفة، وهذا عند العقلاء يمثل انفتاح الدولة على الشعب بأسلوب حميمي عفوي محفز، يطوي أي مسافات محتملة، وفي هذا ما فيه من الإيجابيات، ولعل أولها يتمثل صراحة في إشعال جذوة الأمل في النفوس، وهل يستقيم الحال بلا أمل عندنا أو عند غيرنا، أقل التقدير يقول مات مشروع الصحوة، تعثر الإحباط، والتغيير إلى الأفضل بدأ عمليا، وفي السياق رأيي أن غالبية السعوديين أو لنقل الغالبية العظمى إذا أخرجنا الصحويين من الحسبة في كامل أناقتهم النفسية على وقع تعهد ولي العهد السعودي القضاء على التطرف وإنهاء خدمة مرحلة ما بعد 1979. المرحلة التي أراد أتباعها للبلاد المراوحة في المكان نفسه ولأهلها الشقاق. كفى بهذه المرحلة أنها أم الصحوة الجهادية ومربيتها إذا جاز القول، وكفى بها أنها أحرجت المملكة كثيرا، وباعدت بين السعوديين أنفسهم.

عموما الرأي العام يتجه إلى اتهام الصحوة مرحلة وإيديولوجيا وأشخاصا بالاختباء في كل مسارات الحياة، وفي المقدمة جعل أهل الوطن يتوجسون خيفة من بعضهم بعضا، إما على أساس جهوي أو مذهبي، والأخيرة أقرب إلى الواقع. الحديث هنا يطول ويقصر، والشيطان يكمن في التفاصيل والبقية في هذا السؤال: هل سلمت الوظيفة العامة من شر الخطف؟ التوقعات أن التشدد مد يده إلى كل شيء، ومقابل ذلك يصبح في حكم الضرورة البالغة مراجعة الأنظمة العامة واللوائح التنظيمية التابعة، يبدو لي أن أتباع مدرسة الصحوة ومن على شاكلتهم يتفننون في صياغة التقارير الوردية، ويميلون إلى توسيع مساحة الغموض، ورأيي أنه لا يفوت عليهم تفخيخ الأنظمة العامة ببواعث القلق المجتمعي. ختاما مخلفات الصحوة ثقيلة، والمراجعة واجبة.. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]