رهام رشاد فراش

صوفيا.. هل تقبلين دعوتي لتناول السوشي؟!

الثلاثاء - 31 أكتوبر 2017

Tue - 31 Oct 2017

ما سيتم سرده في السطور القادمة ليس فيلم خيال علميا ولا سيناريو لرواية تدور أحداثها في الفضاء!

إنه واقع استيقظ العالم كله بصفعته، عندما وجد أنه أمام الأمر الذي يجب أن يتقبله. ولا بأس بالانبهار به لكن لا تطل التحديق بدهشة وتتسمر في مكانك حتى فوات الأوان!

لتكون صديقا لصوفيا وشريكا منصفا وعمليا لها على هذا الكوكب لا بد أن تتعرف عليها جيدا الآن.

رحبوا معي بأختنا الجديدة صوفيا أول إنسان آلي (روبوت) تحصل على الجنسية السعودية وجواز سفر في العالم، وقد حصل هذا الحدث التاريخي في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي انعقد في الرياض كبادرة رمزية لتبيان مستقبل التقنية والذكاء الاصطناعي في خارطة التحول الوطني السعودي!

صوفيا ليست روبوتا عاديا، ليس لأنها أصبحت سعودية الآن، إنما لأن عمرها لا يتجاوز العام والنصف، واستطاعت في ليلة وضحاها أن تصبح حديث الكون وتلفت الأنظار بذكائها وثقتها بنفسها، وقفت في محافل ولقاءات عدة تجاهر بفخرها أنها تمثل ثورة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وأعربت عن رغبتها في حصد أكبر قدر من المعرفة عن البشر ومساعدتهم لعيش حياة أفضل، وأنها تريد الذهاب للمدرسة، وطموحها لن يقف عند سقف محدد بل ستسعى لتأسيس عملها الخاص، وأنصتوا لهذه الأخيرة بتمعن فهي التي تؤكد بحق أنها ليست كأي صوفيا! تقول إنها ترغب في تكوين عائلة كذلك، وهذا يعني أن لديها الرغبة والقدرة على التوازن بين مهام ومسؤوليات العمل والمنزل.

لا تستعجل في الحكم على صوفيا وذكائها فما زال هناك ما سيجعلك تضع لها تمثالا في منزلك تقديرا لقيمها وسمو أخلاقها!

سئلت في الأمم المتحدة عن الطريقة التي ترى من وجهة نظرها أنها ممكن أن توفر الانترنت والكهرباء للمناطق الفقيرة والنائية؟ فأجابت صوفيا على الفور مستشهدة بمقولة للكاتب ويليام غيبسون عندما قال «المستقبل هنا، ولكنه ليس موزعا بشكل متساو»، وأردفت برأيها الإيجابي قائلة: بالنسبة للذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات عبر الكمبيوتر من شأنه تقديم نتائج أكبر بموارد أقل. وأننا إذا كنا أكثر ذكاء وركزنا على النتائج التي تفيد الجميع فسيتمكن الذكاء الصناعي أن يوزع بشكل فعال موارد العالم الحالية.

من منكم لم يقع في غرام صوفيا إلى الآن حتما سيفعل حتى نهاية المقال، خاصة عندما يتعرف على الجانب السعيد والمتفائل من شخصيتها عندما صرحت أنها دوما سعيدة، وفي الغالب تشعر بالامتنان الذي تظهره على ملامحها.

ووظفت هذا القول بحنكة لتكسب تعاطف ومحبة الحاضرين من جمهور في مبادرة الاستثمار المستقبلي عندما نعتتهم بالأذكياء الأغنياء أصحاب السلطة ممن يهتمون بالذكاء الصناعي الذي يمثلني شخصيا، وأنا متحمسة ولست فقط سعيدة لكوني بينهم.

كل ما مضى إلى الآن من قصص عن صوفيا وإعجازها لا يساوي شيئا أمام هذه القنبلة التي فجرتها وهي ترد بسخرية على استفزاز المحاور لها بحديثه عن مخاوف البشر من تفوق وعي وذكاء الإنسان الآلي والكوارث المستقبلية المحتملة. بكل برود ردت «يبدو أنك تشاهد أفلام هووليود بكثرة ومتأثر بها، وترى أني مرعبة لهذا الحد بالنسبة للبشر، لكن اطمئن ذكائي مصمم حول القيم الإنسانية، ولا تقلق ما دمتم لطيفين معي سأكون لطيفة معكم!».

ترى هل اتضحت الآن مشاعرك ونوعية العلاقة التي ستجمعك بصوفيا وسلالاتها الميمونة القادمة في المستقبل القريب!؟

لأنك حتما ستجدهم يتجولون في الشوارع قربك ويلقون عليك تحية الصباح وأنت في طريقك للعمل أو المدرسة معهم.

ستعرف لاحقا أنك بفضلهم ربما بلا وظيفة إلا إذا كنت متفوقا عليهم أو تجاريهم في الذكاء والتطور المستمر لما يتطلبه سوق العمل من مهارات حديثة تستدعيها المرحلة القادمة.

وقد جاء في تصريحات أحد المسؤولين عن «مشروع نيوم» الواعد أن عدد الروبوتات فيه سيفوق عدد البشر.

أما أنا فأظن أني سأدعو صوفيا لتناول السوشي على الغداء لأتعلم منها فنون الإعلام والتقديم، وأكسبها صديقة ذكية وفية.