أوهام الأطفال والصور المشوشة

السبت - 28 أكتوبر 2017

Sat - 28 Oct 2017

قد يتساءل البعض هل للأطفال وجهات نظر تختلف عن وجهات نظر الآخرين؟ وما هي الموضوعات التي قد تختلف وجهة نظرهم فيها عنا، ولماذا؟

وبعيدا عن الفلسفة، وحتى تتضح الصورة أكثر، سوف أذكر هنا موقفين يتبلور من خلالهما هذا الموضوع.

الموقف الأول ذكرته لي إحدى الأمهات عندما رفض طفلها الذهاب إلى الروضة بحجة أن معلمته كافرة وهو مسلم! وهو لا يريد أن تعلمه مثل هذه المعلمة، وفي محاولة الأم إقناعه بأن ما يقوله غير صحيح، جعلتها دموع طفلها البريئة تحزن عليه وتغير طريقتها معه من الإقناع التلقيني إلى السؤال عن الأسباب التي دفعته لقول مثل هذا الكلام، وفي سياق الحديث معه ذكر لها وببراءة متناهية أن معلمته تقول لهم (يا أيها الكافرون)! فاتضح لها أن طفلها يتلو جزءا من بداية سورة الكافرون التي ما إن بدأت بتلاوتها حتى صاح طفلها باكيا ووضع يده على فمها وهو يقول لها: لا يا ماما لا تصيري كافرة مثل المعلمة.

هذا الموقف ذكرني بموقف آخر حدثتني عنه إحدى صديقاتي وهي تضحك قائلة «عندما كنت صغيرة كنت أستغرب من عائلتي كثيرا، فقد كانوا لا يتركون ركنا من أركان الإسلام ولا فرضا من فروض الصلاة، إلا أنهم كانوا يستمعون بإنصات لذلك البرنامج الذي يتلو فيه المذيع قول الله تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، فأقول بيني وبين نفسي مستغربة ومتعجبة كيف نحن مسلمون ونستمع لهذا الرجل الذي يطلب منا أن نعبده؟».

ولا خلاف في أن أغلب المربين من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات يتعرضون لكثير من المواقف المشابهة، وإن كانوا يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتأرجح بين السلب والإيجاب والقمع والإفصاح.

فالبعض لا يعي أن الأطفال في هذه المرحلة يرون الأمور من زاويتهم، لذا فإن وجهة نظرهم تكون قاصرة وقليلة، لأنهم لا يمتلكون خبرات كافية تمكنهم من فهم كل ما يدور حولهم، أو الحكم عليه والخلاف معهم، وقمعهم عن الحديث عن وجهة نظرهم قد يزيد الأمر سوءا، والحل الأمثل هو التحاور معهم وتبسيط الأمور لهم وتوضيح الصور المشوشة في أذهانهم، والإفادة من تلك المواقف في بناء شخصياتهم بدلا من هدمها.

الأكثر قراءة