الأمير محمد بن سلمان والرؤية الثانية

السبت - 28 أكتوبر 2017

Sat - 28 Oct 2017

بتاريخ 2/‏2/‏2015 استضافني الأستاذ داوود الشريان في برنامج الثامنة وكان الموضوع عن الاحتطاب الجائر وسبل المحافظة على البيئة وثرواتنا الفطرية.. كان من ضمن الطروحات التي رأيت أنها مناسبة لأن أشير إليها في هذا المنبر الهام أن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود.. ولكن كيف يكون ذلك؟

فمن أجل التوضيح عرضت رسما تخطيطيا يمثل استراتيجية عمل مفترضة لأي دولة متقدمة وبينت أن عمل كل جهة وقطاع في تلك الدولة ينبغي أن يكون مبنيا على استراتيجية خاصة به تصب في الاستراتيجية العامة للدولة، فهناك الاستراتيجية الاقتصادية، والاستراتيجية العسكرية، واستراتيجية التعليم، واستراتيجية الطاقة، واستراتيجية المياه، واستراتيجية الصحة.. إلخ استراتيجيات مفاصل وشؤون الدولة؛ لكن هل هذا يكفي؟ كنت أعلق.. بالطبع لا.. ولكن الأهم هو الترابط البيني بين استراتيجية كل قطاع أو جهة أو وزارة كانت أو هيئة أو مؤسسة، بما يطلق عليه تضافر وتكامل الجهود للوصول لأقرب طريق يحقق الهدف بأقل زمن وأقل تكاليف، وهذا ما نسميه رؤية الوطن.

حينما تسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مسؤولياته المتعددة ومنها الاقتصادية، وأعلن باقتدار واضح عن رؤية المملكة 2030 علمت حينها أن زمنا جديدا وشمسا ساطعة قد أشرقت على المملكة العربية السعودية.

لقد أسس جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز هذه البلاد الغالية ووحدها وبسط فيها أسس التخطيط والإدارة والعمل، وهو شيء ليس بالسهل إطلاقا لمملكة مترامية الأطراف مختلفة البيئات والتضاريس ومتعددة الجوار فكانت رؤيته يرحمه الله ضرورة استثمار الثروات البترولية والمعدنية لتثبيت دعائم هذا الاستقرار وتلبية متطلباته ومسؤولياته تجاه شعبه وتجاه الشعوب الإسلامية خاصة والإنسانية عامة.

ولكن هذه الوتيرة من العمل والاستثمار والبناء تعتمد على موارد قابلة للنضوب فماذا سيكون الحال عند انحسار هذه الموارد أو أنها أصبحت غير أساسية للاقتصاد العالمي؟

من هنا أحسست أن هناك زمنا جديدا آتيا مفعما بالحكمة والتطلع إلى المستقبل لنحصد منه ما سنزرع اليوم.. هكذا كانت رؤية المملكة 2030 التي أبدع فيها سمو الأمير محمد بن سلمان موضحا تفاصيلها وبرنامج التحول الحافل بالإنجازات المتسارعة.. ولنا أن نتخيل ماذا لو كانت هذه الرؤية قد بدأت منذ توحيد المملكة؟ كم من العوائد التي كانت ستتحقق للوطن وأبنائه بل وحتى للإنسانية قاطبة.

لقد تميز الأمير محمد بن سلمان وتميزت مرحلة توليه مهامه عن أي مرحلة سابقة بما فيها من نجاحات، انتقلت به المملكة إلى عصر جديد من السير وفق الخطى المرسومة، خطى لمرحلة وسبل لم يتح لنا من قبل أن نسلكها لأنها ببساطة لم تكن موجودة.

لقد أصغى سموه لكل ذي فكر وخبرة واقتطف من سنابل الأفكار أطرافها الغضة الناضجة، وإذ يقابل سموه كل جهد وخبرة بالشكر والتقدير فإنه لا ينسى أن كل ذلك لن يكون له قيمة إذا لم يتغلف بغلاف الكفاءة والفعالية، فبغيرهما لن تتحرك المسيرة أبدا.

إن أعجبتك سيارة فارهة من آخر الموديلات لونا وقوة وفخامة وتستطيع تشغيلها عن بعد فهذه هي الكفاءة.. ولكن إن لم تستطع السير فلا قيمة لها.. وهذه هي الفعالية.

الكفاءة والفعالية هما وجهان لعملة واحدة تتحرك بواسطتها كل مناحي التنمية والاقتصاد والإدارة.

ليس كل كفؤ فعالا، ولكن كل فعال كفؤ، فهناك ممن يحملون شهادات عليا في مختلف التخصصات نجد إمكانية كفاءتهم وأدائهم محدودة وعلى الجانب الآخر نجد أن كل فعال هو كفاءة ترتقي به كل مسيرة وفي كل منحنى... فحينما نسعى لأن يكون كل كفؤ فعالا فهذا تاج العطاء الموصل للقمم وللغايات الراقية..

الكفاءة والفعالية ستفتحان آفاق الرؤية الثانية للمملكة والتي ننتظر من سمو الأمير المتميز في سموه ومهامه وفكره أن يسارع الخطى لوضع أسسها ألا وهي رؤية التميز بعد أن كانت الرؤية الأولى 2030 رؤية الأداء والبناء والتحول..

التميز في كل شيء أسست له الرؤية الأولى، التميز في الاقتصاد، التميز في التعليم، التميز في الصحة، التميز في البيئة، التميز في الصناعة، التميز في التفوق العسكري، التميز في المجتمع، التميز في القيادة، لا أقول التميز محليا ولا إقليميا، بل التميز عالميا.

لا أعتقد أن قائدا مثل محمد بن سلمان يثنيه شيء عن تحقيق الآمال الكبيرة وهو العملي الذي أخاله يتمنى أن يكون اليوم 50 ساعة وليس 24!

وقد يتساءل البعض ولكن كيف لسموه وهو بتلك المهام أن يعرف ويتابع كل ما سينجز في تلك الرؤى (وهو الذي يجب أن يعرف كل شيء)؟ لكن هذا سهل في علم التخطيط وذلك بالاكتفاء بمتابعة مؤشرات الإنجاز وليس مؤشرات الأداء، بعد أن يوضع كل شيء في نصابه في مسالك الكفاءة والفعالية.

إنه رجل يملك ابتسامة الاقتدار ويذود عن حمى الأفكار ليحقق منها صرحا شامخا تعلوه راية الجودة والإتقان..

إنه رائد التميز لرؤية التميز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.