من خطب الجمعة

الجمعة - 27 أكتوبر 2017

Fri - 27 Oct 2017

القدوة الحسنة

«إن وجود القدوة الحسنة في حياة المسلم ضرورة حتمية، ليقتدى بها وتكتسب منها المعالم الإيجابية وتكون دافعا حثيثا لتزكية النفس واستنهاض همتها والارتقاء بها في مدارج الكمال.

إن من فضل الله على أمة الإسلام أن اختار صفيه ومصطفاه وخيرته من خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون خير قدوة لها في امتثال هذا الدين، والالتزام بقيم الإسلام وأخلاقه وأحكامه، ومن جوانب القدوة في حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ثباته على الدين حتى أتاه اليقين، حيث ثبت الله نبيه على دينه وأيده بنصره وأعزه ومكنه وأعانه في كل أحواله، فكان مثالا يحتذى في التزام الإسلام حتى الممات.

إن من صور ثبات الرسول الكريم صل الله عليه وسلم التمسك بالوحي كما أمره الله بقوله: (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم)، والنبي صلى الله عليه وسلم التزم هدي ربه وتمسك به على الرغم من محاولة المشركين صرفه عن حكم القرآن وأوامره.

إن السائر إلى ربه عز وجل مشفق على خواتيم أعماله ونهاية مآلاته، ويجب ألا يركن ولا يدل على ربه بعمل، إنما يسأل الله القبول ويرجوه حسن الختام، والعبرة بالخواتيم هي حقيقة تشرع الأبواب وتفتح الآمال لمن فرط في سالف أمره.

إن من صور ثباته صلى الله عليه وسلم ثباته على الأخلاق والمبادئ والقيم، حيث بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذروة الكمال الإنساني في سائر أخلاقه وخصاله، وفي جميع جوانب حياته، والتوازن في صفاته صلى الله عليه وسلم مثال على ثباته، فحاله على منوال واحد ثابتة مع تغير الأحوال والظروف، فنجده هو نفسه في رضاه وفي غضبه، فلا يظلم ولا يسيء عند الغضب».

فيصل غزاوي - الحرم المكي

الفتن والمحن

«إن الصبر على الفتن والمحن والابتلاء عاقبته نصر من الله وتمكين لعباده المؤمنين الموحدين، وما مرت به الأمة في سابق عهدها من ابتلاء وظلم للصد عن دين الله حتى تحقق وعد الله بنصر هذا الدين وأوليائه.

إن ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من فتن وبلاء ومحن ولأواء وتسلط الأعداء، إنما هو امتحان وتمحيص ومقدمة لنصر مبين، وعز وتمكين بإذن الله رب العالمين.

لقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ثم يؤتى بالمنشار، فيوضع على رأسه فيجعل على نصفين، ما يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد من دون عظمه ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر.

إن أول من أظهر الإسلام سبعة، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد رضي الله عنهم، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبوبكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فساموهم سوء العذاب، فما منهم من أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادوا، إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، وقام المشركون بإيذائه وتعذيبه لعله يرجع عن دينه، فقابلهم بالصلابة والثبات، فزادوا في تعذيبه وبلائه، فكان سيده أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا تزال على ذلك حتى تموت أو تكفر بمحمد، ويقول أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء؟ لئن لم تذكر آلهتنا بخير لأجعلنك للعبيد نكالا، فيرد بلال رضي الله تعالى عنه وهو ثابت لا يتزعزع : ربي الله، أحد أحد، ولو أعلم كلمة أغيظ لكم منها لقلتها».

عبدالله البعيجان - الحرم النبوي