عبدالغني القش

إيقاف استقبال المسؤولين.. هل يعمم؟!

الجمعة - 27 أكتوبر 2017

Fri - 27 Oct 2017

تناقلت الصحف المحلية هذا الأسبوع خبرا مفاده أن وزير الصحة أصدر تعميما يقضي بإيقاف استقبال القيادات باللوحات والسيارات المستأجرة، وتضمن التعميم حزمة من التوجيهات والتعليمات لكل المرافق الصحية بمختلف المناطق والمحافظات تحوي إيقاف توفير السكن لأي زائر من قيادات الوزارة، وعدم استئجار السيارات لهم بمن فيهم الوزير، واستخدام السيارات المتوفرة في المديرية، وعدم المبالغة في الضيافة، ومنع وضع لوحات استقبال لأحد بمن فيهم الوزير.

وكم سررت بهذا التعميم الذي يدل على حنكة وحكمة إدارية؛ فما نشاهده على الصعيد الداخلي في المدن فضلا عن الوزارات (وهو بطبيعة الحال أكبر مما نشاهده بكثير) أمر يثير التعجب والاندهاش، وذلك للمبالغة في الحفاوة والإسراف في الضيافة إلى درجة البذخ، وكذلك اللوحات الترحيبية، في حين أن المباشر للحدث (سواء كان حفلا أو زيارة أو لقاء) هو من أهل الدار، ومع ذلك نجد تلك الأمور.

وقد حضرت مؤخرا فعالية كان الراعي لها أحد مديري العموم، فكان كل ذلك ماثلا للعيان مع بالغ الأسف.

وقد طالبت كغيري من الكتاب بإيقاف مثل هذه المظاهر، ونشر المنجزات، بعيدا عن الظهور الإعلامي الزائف الذي لا يهدف إلا إلى تلميع صورة ذلك المسؤول، ولك أن تتخيل - عزيزي القارئ - أن مسؤولا يقوم بجولة على إدارات أو أقسام تابعة لإدارته، ومع ذلك تتم إحاطتها بهالة إعلامية كبيرة!

وفي تصوري أنه حان الوقت لأن تنهج جميع الوزارات هذا النهج؛ فمظاهر الهياط ظاهرة، والإسراف في المبالغة والترحيب والضيافة واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

العجيب أن مثل هذه المظاهر واضحة جدا في النظام، أي إن الأنظمة قد شملتها، فقرار الانتداب يشمل التنقل والسكن والإعاشة، ومع ذلك يقوم الفضوليون بأمور هي في واقعها محض اجتهاد، ويراد من خلالها التقرب للمسؤول أيا كانت درجته.

وكم كان بودي أن يحوي التعميم الاقتصار في الزيارات على الشخص المسؤول، فمن الملاحظ أن البعض إذا قام بمثل هذه الزيارات فإنه يأتي ومعه العديد من مديري الإدارات أو فروع الوزارة، وذات الكلام ينصب على المناصب العليا، في مظهر يندرج ضمن مظاهر الهياط المتبعة، وينتج عنه

في ذات الوقت تعطيل لمصالح المراجعين؛ حيث يكون صاحب الصلاحية ضمن الوفد المرافق.

واسترسالا في هذا الجانب، فإن بعض الإدارات ربما تجتهد في عرض ما لديها، فتنتج فيلما وثائقيا أو ما شابهه لعرضه على المسؤولين في وزارته التي يتبع لها، وهو ما يترتب عليه مزيد إنفاق بلا طائل؛ فالمسؤول يفترض أنه متابع لكل ما يجري في الجهات أو الفروع أو المديريات (مهما اختلفت التسمية) التابعة له، وبالتالي فلا أعتقد أن هناك حاجة لإنتاج فيلم أو مطبوعات لعرضها.

إن مما يسر الخاطر ويبهج الناظر أن كثيرا من الوزارات والجهات الإدارية قد أنشأت مواقع لفعالياتها، مما يعني القضاء على مظهر كان موجودا إلى عهد قريب، وهو استئجار الفنادق وقاعات المؤتمرات وصالات الاحتفالات، وهذا يذكر فيشكر؛ حيث كانت تنفق المبالغ الطائلة في ذلك، ويرجى أن يعم ذلك المقرات والفروع والمراكز وكل ما يتبع الجهة إداريا.

ولعل مما يدخل البهجة على النفوس اهتمام الوزارات والجهات الإدارية المماثلة بمواقعها على الشبكة العالمية، وكذلك عنايتها بحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد بات الإعلام الجديد يمثل واجهة إعلامية وجهة دعائية، فقضى على ما كان ينفق في الطباعة من منشورات وأقراص ممغنطة ومجلدات وغيرها.

أكرر أملي في أن تنهج جميع وزاراتنا هذا النهج.

[email protected]