عبدالله المزهر

ثالوث الجشع الجميل!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 26 أكتوبر 2017

Thu - 26 Oct 2017

التجارة والجشع معنيان متلازمان لا يكاد الفراق يدخل بينهما إلا أعادهما الشوق وارتمى كل منهما في حضن الآخر يحدثه عن صعوبة الحياة دونه.

وأمر المحبة هذا ليس شيئا خاصا بهذا العصر، فالمحبة بينهما والترابط أزلي أبدي سرمدي، لكنها كسائر الأشياء تزدهر في عصر وتضمحل في آخر، لكنها موجودة لا تختفي.

وبالطبع فإن لكل قاعدة شواذ لا يفسدون معنى القاعدة، وفي هذا الإطار يوجد تجار لم تكن علاقتهم بالجشع وثيقة، وبعض آخر لا علاقة لهم بالجشع ألبتة، لكن هؤلاء شرذمة قليلون لا أثر لهم ولا تأثير.

في عصرنا الحديث الجميل هناك «أيقونات» للجشع يمكن حصرها في ثلاثة أشياء هم أبرز وأشهر وألطف من تعامل مع الجشع بحب ومودة حتى ليخيل إليك أنهم معنى واحد لا تفرق في عدة كلمات.

البنوك وشركات التأمين والمدارس الأهلية، هذا الثالوث لا يمكن أن يترك أي حدث في هذا الكون يمر دون أن يجعله سببا في جني الأموال من الناس بكافة طبقاتهم، ومن المجتمع بكافة شرائحه. وهذا الثالوث العاشق لا يكتفي بالأخذ فقط لإثبات أنه أولى المخلوقات بالجشع، بل إنه يضيف على ذلك بأن يجعل بينه وبين «العطاء» مفازات لا تقطعها ركبان المتفائلين مهما بلغت مدة مسيرهم.

مما يحسب لأركان هذا المثلث الجميل ثباتهم على المبدأ في زمن عز فيه من يثبت على موقفه، فهم لا تغير طباعهم الظروف ولا المتغيرات، إن وقعت الحرب طالبوا بالمزيد لأن الناس قلقون ويجب أن يدفعوا الأموال بحثا عن الأمان والسعادة، وإن حل السلم فإن هذا سبب كاف ليرفعوا أسعار خدماتهم، فالناس سعداء ويجب أن يحافظوا على استقرارهم. ترتفع المؤشرات الاقتصادية وتهبط وخط سير هذا المثلث في نفس الاتجاه لا يتغير ولا يتبدل. يلقي الناس أموالهم «غصبا» في بطن هذا الثالوث ويسألون هل امتلأت فيقول: هل من مزيد.

و»الضرائب» وما دار في فلكها فرصة ذهبية لهؤلاء، فهم أول من يبادر للبحث عن طرق يدفع فيها المواطن الضرائب بدلا عنهم ويزيدهم عليها. ثم يتبعهم في ذلك بقية التجار وكبار الجشعين الذين لن يدفعوا ريالا واحدا كضريبة وسيأخذونها جميعا وفوقها مثلها من جيب المواطن، وهو المنبع الذي سينضب يوما ما هو الآخر.

وعلى أي حال..

أتمنى ألا يفهم كلامي على أنه نقد أو اعتراض، فأنا أحب الجشعين ولست منهم، ولو لم أكن مواطنا لتمنيت أن أكون بنكا أو شركة تأمين أو مدرسة أهلية في هذا الوطن، فإن للأخذ لذة لا يعرفها الذين يفنون أعمارهم في

العطاء.

@agrni