محمد حطحوط

مقارنة: رفحاء وشرورة

الثلاثاء - 24 أكتوبر 2017

Tue - 24 Oct 2017

هناك ما يقترب من 4 آلاف جامعة في أمريكا لوحدها. يدرس فيها ملايين الطلاب حول العالم، ويواجه كل طالب من هؤلاء عقبات أكاديمية واجتماعية ونفسية لا تعد ولا تحصى. ولكن من بين هذه العقبات سؤال مزعج لجميع مدراء القبول في تلك الجامعات: لماذا هناك نسبة من الطلاب تنسحب من الجامعات ولا تكمل دراستها؟ وكان هذا سؤالا مطروحا على الطاولة البحثية، لكن لم يكتسب السؤال أهمية قصوى إلا بعد تغير دعم الولايات لجامعاتها الحكومية، إذ كان الدعم في السابق مبنيا على عدد الطلاب المقبولين كل عام، ولكن اكتشفت الجهات الرقابية أن هناك كمية انسحاب عالية، فتم تغيير المعادلة للدعم المالي الذي تحصل عليه الجامعة، والذي يصل لـ30% ليكون مرتبطا بنسبة التخرج وليس القبول، وبهذا أصبح أهم سؤال أمام مدير الجامعة: كيف نعالج معضلة التسرب الجامعي؟

ولفهم جذور المشكلة لا بد من دراسة هذه الفئة جيدا والاقتراب من همومها ومعرفة الأسباب التي تقف خلف هذا. كلفت الجامعة باحثين مختصين لعمل دراسات علمية على هؤلاء الطلاب، ومع مرور الوقت، وجدوا هناك قواسم مشتركة بين هؤلاء الطلاب، بعضها كان صادما للفريق العلمي، كان أبرزها: النسبة الكبيرة لهؤلاء الطلاب المنسحبين أنهم الجيل الجامعي الأول في العائلة! وهذا يعني أنه لم يحصل أحد من الوالدين على شهادة جامعية من قبل، وكان هذا مفاجئا، إذ لم يستطيعوا التعامل مع النقلة الكبيرة من الثانوية إلى الجامعة.

وهذا يرفع شعارا كبيرا: الناجح اليوم هو نتيجة طبيعية لتوفر موارد حوله غير متاحة لأقرانه، سواء كانت محض صدفة ميلاد أو مكان أو زمان ذهبي! ولهذا من الظلم المقارنة وعدم حسبان كل هذه العوامل في معادلة النجاح. ولتخفيف حدة الأزمة قامت الجامعات بتصميم برامج صيفية خاصة لهؤلاء الطلاب لتقليل الفجوة بينهم وبين طالب – كمثال - والده أستاذ جامعي مطلع على تفاصيل ودهاليز الجامعة، وكان لهذه البرامج تأثير كبير في تقليص نسبة التسرب.

ولنقل الفكرة للسعودية كمثال، لا يمكن مقارنة نجاح مشروع تجاري لشاب يعيش اليوم في رفحاء مع شاب بنفس العمر يعيش في الرياض، لأن الأخير لديه القدرة على حضور عشرات الفعاليات المجانية المتخصصة في مجال إنشاء المشاريع والخطط التسويقية، بالإضافة لعشرات المستثمرين، وسهولة التعامل الحكومي. لا يمكن مقارنة فتاة جامعية بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز وهي قادمة للتو من شرورة، بزميلتها التي لديها ثلاثة إخوة سبق وتخرجوا في ذات الكلية!

وظيفة الحكومة هنا ودورها أن توفر لكل مواطن ومقيم فرص النجاح والتميز وبهذا تتوفر بيئة تضمن لكل مجتهد نصيبا. العدل يبدأ من هنا.. من تكافؤ الفرص. بهذا تقدم العالم، وبهذا يكون التقدم.

التسرب من الجامعات

1 معظم الطلاب المنسحبين هم الجيل الجامعي الأول في عائلاتهم.

2 الناجح اليوم هو نتيجة طبيعية لتوفر موارد حوله غير متاحة لأقرانه.

لتقليل الأزمة والفجوة بين هؤلاء الطلاب وزملائهم:

  • دراسة هذه الفئة والاقتراب من همومها

  • تكافؤ الفرص

  • تصميم الجامعات برامج صيفية خاصة

  • توفير أسباب النجاح وبيئة تضمن أن لكل مجتهد نصيبا




@mhathut