محمد العوفي

الاستثمار في الذكاء الاصطناعي

الاثنين - 23 أكتوبر 2017

Mon - 23 Oct 2017

جزء من النجاح واستمراريته يعتمد بشكل كبير على قراءة المستقبل واستشرافه، لأن المستقبل الذي نراه بعيدا سيتحول بعد بضع سنوات إلى حاضر نعيش أحداثه؛ فإما أن نستعد لهذا المستقبل، ونكون في قلب الحدث ونسجل لنا بصمة أو نختار البقاء على الهامش.

قراءة المستقبل واستشرافه من السهل الممتنع ليست بالصعب والمستحيل؛ إذا كفانا كثير من مراكز الدراسات والبحوث عناء دراسة المستقبل وتوجهاته، بعد أن أصبحت دراساتها حول التوجهات المستقبلية في الصناعة والاقتصاد والمال والأعمال متاحة للجميع بكافة تفاصيلها وتوقعاتها، ولم تترك مجالا للاجتهاد أو التأويل أو التفسير، فأصبح المجال متاحا للاستفادة من هذه الدراسات في قراءة المستقبل وتوظيفها بما يخدم الاقتصاد والأعمال.

فمنذ منتصف القرن العشرين الميلادي؛ والحديث حول ثورة صناعية قادمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، واتباع نهج جديد يجعل الآلات والمعدات أكثر ذكاء من خلال ربطها بالانترنت مستمرا لا يتوقف، وعلى إثرها تطور علم التحكم الآلي من خلال اختراع الحاسوب الرقمي وتم اختراع آلات يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي الإنساني، فظهرت الأجهزة ذاتية الحركة «الروبوتات» والمركبات الذاتية الدفع والطباعة المجسمة ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو، وستكون «الروبروتات» أو «الإنسان الآلي» بديلا للإنسان العادي، وإنها ستكون أكثر قدرة وجودة على إنتاج منتجات مختلفة وجديدة.

وسجل استخدام الذكاء الاصطناعي في استخراج البيانات، واللوجستية، وصناعة التكنولوجيا، والتشخيص الطبي، وفي استخدامات الحياة اليومية نجاحا كبيرا، مما دفع الباحثين في معهد مستقبل الإنسانية في جامعتي أوكسفورد البريطانية، وييل الأمريكية، ومنظمة AL IMPACT إلى إجراء استبيان رأي شمل 352 من علماء الحاسوب عن تنبؤاتهم بالتقدم الذي يمكن أن يصل إليه الذكاء الاصطناعي خلال النصف قرن المقبل، واتفق أغلب هؤلاء الباحثين على أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشر، وسيتمكن من أداء المهام البشرية.

وتوقعوا أن الآلات ستكون أفضل من البشر في ترجمة اللغات بحلول عام 2024، وكتابة الوظائف للمدارس الثانوية بحلول عام 2026، وقيادة الشاحنات عام 2027، والعمل في تجارة التجزئة عام 2031، وأنه سيكون بمقدورها كتابة أكثر الكتب مبيعا بحلول 2049، وأنها ستعمل كالجراحين في 2053، وأنها ستكون ركيزة مصانع المستقبل لما توفره من اختصار للجهد والوقت والتكاليف.

ويعني ذلك أن الاستثمار في القطاع التكنولوجي (مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي) سيكون الأكثر حضورا في المستقبل؛ وعليه فإن ركوب موجة الاستثمار في هذه الصناعات سيحقق نجاحا كبيرا، ولعل مبادرة مستقبل الاستثمار الذي تستضيفه الرياض اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر التي سيكون فيها التغير التكنولوجي (الذكاء الاصطناعي والروبوتات) أحد محاورها تؤسس لرؤية مستقبلية للاستثمار في هذا القطاع محليا والتوسع فيه مستقبلا، ولا سيما أن صندوق «سوفت بنك» - الذي تسهم السعودية فيه - أكبر مستثمر في القطاع التكنولوجي (مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي)، ولعل ذلك يغري وزارة البترول والثروة المعدنية والصناعة للدخول في هذا المجال وتأسيس مصانع محلية بالشراكة مع شركات متخصصة كشركة فونكس الألمانية أو غيرها لتكون نواة لسوق لهذه الآلات في الشرق الأوسط كمرحلة أولى.