من خطب الجمعة

السبت - 21 أكتوبر 2017

Sat - 21 Oct 2017

صفات المفلحين

«أيها المسلمون: بين الأعمال وأجزيتها رباط وثيق، فمستقبل الخير نضير ولو كان حاضره معنتا، ومستقبل الشر سيئ وإن كان حاضره خادعا، والناس عادة معنيون بيومهم الحاضر، ومستغرقون فيه، وذلك حجاب عن الحق، وأحبولة يقع فيها الغافلون، وفي كتاب الله تعالى سورة تسمى (سورة الفلاح)، وهي في المصاحف سورة المؤمنون، تعلق الأبصار بالآخرة، وتطمئن المؤمنين إلى مستقبلهم الطيب، أما الكافرون فالويل لهم.

إن في صفات المفلحين هذه مزيجا من العقائد والأخلاق، والعبادات والمعاملات، وقد وعد المتمسك بها بالفلاح (أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن». رواه البخاري.

إن الله بدأها بذكر الفلاح وختمها بذكر الفلاح، بدأها الله بذكر فلاح المؤمنين فقال: (قد أفلح المؤمنون)، وختمها الله بنفي الفلاح عن الكافرين فقال: (إنه لا يفلح الكافرون)، وما بين مفتتحها والختام ذكر الله صفات المفلحين، وقصص الأنبياء مع أقوامهم، فمن آمن فقد أفلح ونجا. وذكر الله في تضاعيف السورة من أسباب الفلاح، وفي آخرها خاتمة المفلحين والمكذبين: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون).

أيها المسلمون: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون).

صالح آل طالب - الحرم المكي

حب البلاد

«إن من أثمن الأشياء عند أهل الفطر السليمة حب البلاد التي ولدوا فيها، وعاشوا على ثراها، وأكلوا من خيرات الله جل وعلا فيها، وهذه الحقيقة قد أقرتها شريعة الإسلام، وأحاطتها بحقوق وواجبات، رعاية لمصالح الدين والدنيا معا، فقد اقترن حب البلاد والديار عند الإنسان بحب النفس.

في قضية حب الديار ومحبة البلاد يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة بحزن وشوق فيقول «ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك» رواه الترمذي، وعندما أراد الله جل وعلا له الهجرة إلى المدينة وعاش في أرضها وأقام، وتنورت برسالته قال صلى الله عليه وسلم معبرا عن كونها بلدا أصبحت مقر إقامته «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».

إن حب الديار في الإسلام يعني الالتزام بقيم فاضلة مبادئ زاكية، كما يعني التعاون على جلب كل خير وصلاح البلاد وأهلها، ودفع كل فساد وعناء عن الديار وساكنيها.

كما أن حب البلاد يقضي بأن يعيش كل فرد مع إخوانه في بلاده بمحبة وتواد وتراحم وتعاطف استجابة لقوله عز وجل «إنما المؤمنون إخوة» ولقوله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».

حسين آل الشيخ - الحرم النبوي