إسماعيل محمد التركستاني

أجندة العمل الصحي.. وعدم ثباتها!

الجمعة - 20 أكتوبر 2017

Fri - 20 Oct 2017

المتتبع للشأن الصحي المحلي - وخاصة إذا كان من العاملين بالقطاع الصحي - يلاحظ أن هناك ضبابية في الأجندة الصحية، أو يمكن الذهاب إلى مسافة أبعد والقول إن هناك عدم ثبات على أجندة تصحيحية على المدى البعيد، قدر أنها (أجندة العمل الصحي) تدوم فقط قدر دوام القائد الذي أتى بها، حيث إن مجرد تغيير القائد الصحي وقدوم قائد صحي جديد، تأتي معه أجندة تصحيحية جديدة، أجندة لا بد - أو يجب - على مختلف القيادات الصحية التفاعل معها من جديد مع فريق العمل المكون نتيجة لتلك الأجندة الصحية التصحيحية. نعم، قد يعزو البعض حالة عدم الثبات إلى منهجية القائد الصحي التي يتبعها ويفضلها في العمل، والتي قد تكون أفضل من منهجية القائد السابق، لكن لا أعتقد (من وجهة نظري) أن مثل تلك التغييرات المستمرة في الأجندة الصحية (قصيرة الأجل) تكون حالة صحية أو ذات فائدة قصوى قدر إنها تؤدي إلى ضبابية وشتات في العمل الصحي قريبا كان أم بعيدا، سواء كان على مستوى العاملين في ذلك القطاع الصحي أو على مستوى المرضى المستفيدين من مختلف تلك البرامج الصحية المتعددة.

حيث إن الوضع الحالي مع كل تغيير للقيادة الصحية هو كما يلي: من المعروف للجميع أن كل قائد يتقلد المنصب القيادي بالهرم الصحي (أيا كان ذلك الموقع القيادي)، يكون أول عمل يقوم به هو تعيين من يراه مناسبا للمناصب القيادية المحيطة به، مثلا عندما يأتي قائد صحي لتولي زمام الأمور فإن أول عمل يقوم به هو تغيير المساعدين من حوله، وتغيير القيادات الصحية بمختلف المنشآت الصحية (وهو أمر لا يخفى على أحد.. ويا بخت من كان معروفا لدى المدير). لماذا يقوم بالتغيير؟ لأسباب عديدة منها ما يكون في إعطاء صورة لمن حوله وللمتابعين لإرادته الفولاذية في إحداث التغيير إلى جانب إثبات شخصيته، حيث إنه يقول إن الهدف من تلك التغييرات هو إحداث تدوير في القيادات الصحية، وإعطاء الفرصة للوجوه الجديدة (والشابة) في القيادة الصحية (لا اعتراض عليه من قبل الجميع)، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي الأجندة التي سوف يعمل عليها هذا القيادي الجديد؟ ويأتي الجواب الكلاسيكي (والمعتاد على سماعه) سوف نعمل من حيث انتهى السابقون! وسوف نسعى إلى إضافة لبنة جديدة إلى ما قام به من سبقنا من بناء! وتكون المفاجأة والواقع، أن كل عمل تقوم به القيادة الجديدة هو البدء من جديد و.. بسم الله، ومن ثم الدوران في نفس الحلقة التي كان يدور فيها من سبقه!

وكما قال أحد الحكماء: أيام مملة، مستقبل مجهول، نوم غير منتظم، جسد مرهق، أمنيات تترتب تحت الوسائد، والأيام تمر ولا شيء جديدا، وكم هي لحظات جميلة عندما يستقبل قرار الإعفاء من منصبه القيادي، ويغرد قائلا: تم إعفائي والحمد لله (كما غرد مدير صحة سابق).

باختصار.. المتتبع لمختلف الشؤون المتعلقة بالخدمات الصحية وعلى مدار الثلاثين عاما الماضية، يجد أن هناك أجندة عليا (سياسات) ثابتة، فنجد أن هناك نموا مطردا في الصرف الحكومي على الخدمات الصحية، وقد تمت الاستفادة من تلك الميزانيات الضخمة في بناء بنية تحتية للخدمات الصحية مثل: بناء المدن الطبية، وبناء المراكز الصحية الأولية بجميع المدن والمحافظات. أما بالنسبة للأطباء والتمريض السعودي (بجنسيهما)، ومع زيادة عدد كليات الطب والتمريض بالجامعات السعودية، فكان هناك أيضا ارتفاع في عدد الأطباء والتمريض. ركائز يمكن القول إنها ستسهم في تطور الخدمات الصحية. ولكن، السؤال الذي يأتي هنا وبقوة: هل هناك أجندة عمل صحية ثابتة (خط عمل واضح) تسير عليه جميع القيادات الصحية (حتى في حالة تغيير في القيادات)؟

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال