إعادة ترميم وإصلاح الأنسجة التالفة

الخميس - 19 أكتوبر 2017

Thu - 19 Oct 2017

حصلت تطورات كبيرة في العمليات الجراحية وذلك نتيجة الجودة العالية التي تقدمها المراكز الطبية حول العالم في التعليم والأبحاث، والتي تؤدي لتطور كبير في الخدمة العلاجية المقدمة للمريض. ومثال على ذلك التعامل الحالي مع مرضى الحروق والحوادث والأورام لعلاج التشوهات الناتجة عن طريق تقنيات جراحية كبيرة في مختلف أنحاء الجسم. يهتم علم جراحة التجميل وإعادة الترميم والبناء بهذه الحالات، والتي كانت هي اللبنة الرئيسية لهذا التخصص. ففي البداية كانت عمليات ترقيع الجلد على سبيل المثال هي العمليات الرائجة، ولكن في الوقت الحالي قل استخدامها لظهور عمليات نقل وزراعة الأنسجة الذاتية من نفس الجسم وزرعها في المكان المطلوب بربط الأوردة والشرايين المنقولة عن طريق جهاز المايكروسكوب. وأدى هذا التطور إلى الوصول إلى نتائج رائعة في عمليات الترميم والإصلاح بعد نقل الأنسجة الجلدية والعضلية والأعصاب وحتى العظام ككتلة واحدة تحتوى على جميع الأنسجة المطلوبة كعضو واحد وحيوي إلى المكان المشوه أو المحروق على سبيل المثال. حتى إن بعد عملية النقل يتم تغذية هذا العضو المنقول عن طريق ربط الشرايين والأوردة الصغيرة المنقولة له عن طريق المايكروسكوب لضمان تغذية العضو المنقول، وتدفق الدم للأنسجة المزروعة بعد عملية إعادة الترميم والبناء. وبالتالي أصبح علاج تشوهات الوجه والثدي والأطراف السفلية والعلوية بعد الحروق واستئصال الأورام أو الحوادث ممكنا خاصة إذا وجدت البيئة العملية بوجود فريق متخصص بهذا النوع من جراحين وأطباء تخدير وعناية مركزة وطاقم تمريض متمرس في هذا العمل الذي يساعد في إعادة الأمل للإنسان، ويساهم في الوصول لنتيجة جميلة مع توازن وظيفي للمنطقة بعد إعادة ترميمها وبنائها من جديد.

وبما أن هذا النوع من العمليات يمثل الجزء الأكبر من ممارستي الجراحية في ألمانيا، وفي أكبر مستشفياتها فمن الواجب والطبيعي جدا أن أقوم مع من سبقني من زملائي الأطباء في المملكة ومن سيأتي بعد ذلك بعمل بيئة علمية وعملية للتوصل لممارسة أكبر لخدمة من يحتاج لهذه العمليات الجراحية في الوطن. فالعمل الجماعي وليس الفردي هو المفتاح الأهم لنجاح هذه الحالات المعقدة. يذكر أن الجراحين في الفترة الأخيرة توصلوا أيضا لحلول أخرى لإعادة ترميم الأنسجة التالفة وبنائها، سواء كانت الجلدية أو العضلية وحتى الأعصاب الطرفية.

فأصبحت الأبحاث أيضا تمثل جزءا رئيسيا في هذا المجال للوصول إلى تقنيات حيوية باستخدام الخلايا الجذعية المستمدة من الدهون أو الجلد، وتقنيات الهندسة الحيوية لإعادة إعمار الأنسجة بعد موتها وتلفها. عندما أرجع بالذاكرة إلى الوراء أشعر بالسعادة أن جزءا من أبحاثي في ألمانيا تعلق بهذه التقنية أيضا، مع الأخذ في الاعتبار أن مراكز معينة في أوروبا وأمريكا وشرق آسيا رائدة في هذا المجال، وكان مهما جدا الاستفادة منهم لتطبيقها بطريقة آمنة خاصة إذا كان المريض لا يتلاءم مع عمليات زراعة ونقل الأنسجة الذاتية إما لطول العملية وحجمها أو لأسباب مرضية أخرى. مما يبعث الأمل أن عددا ليس بالبسيط من الأطباء السعوديين الأكفاء، وكذلك من المبتعثين الأطباء الموجودين حاليا في أقوى دول العالم بالطب، يتعلم أو يمارس هذه التقنيات الجراحية والتي سيكون لها حضور كبير بعد العودة إلى أرض الوطن. عندها سنساهم جميعا في تحرك البيئة التعليمية لإنتاج جيل قادم في هذا التخصص وغيره من الناحية العملية والبحثية لتقديم علاج يتوازى مع ما يتم تقديمه حول العالم.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال