تعريف الجريمة الالكترونية

الخميس - 19 أكتوبر 2017

Thu - 19 Oct 2017

التعامل الالكتروني أصبح من ضروريات الحياة اليومية لكل شخص، وهو ضرورة للعمل والدراسة وحتى الترفيه والاتصالات الشخصية مع الأصدقاء والمجموعات. والتعاملات الالكترونية ذللت الكثير من النشاطات الخاصة والأعمال الرسمية نظرا لتوفيرها للمعلومات والبيانات والبحوث وغيرها، ومن هذا استفاد ويستفيد الجميع. ومن دون شك، فإن الثورة التقنية أثرت على حياتنا ومفاهيمنا واستفدنا منها كثيرا. ولكن، هناك من يفكر في الاستفادة الإجرامية ويعمل على تسخير التعامل والتطور الالكتروني في ارتكاب الجرائم والأفعال المخالفة للقانون والمعاملات والأعراف والآداب.

من هنا نشأت الجريمة الالكترونية، وهي تعتبر من الجرائم الحديثة التي ظهرت بعد انتشار الثورة التقنية التي نعيشها ونستمتع بمخرجاتها. والجريمة، عموما، قديمة وظهرت مع بداية البشرية بين أول أخوين. وكما يقول علماء النفس، فإن النزعة الإجرامية موجودة في البشر بدرجات متفاوتة، ولكن هناك من يسيطر عليها وهناك من لا يستطيع ويرتكب الجريمة سواء العادية التقليدية أو تلك الالكترونية الحديثة.

كما هو معلوم، فإن الجريمة الالكترونية وبالرغم من حداثتها إلا أن آثارها مضرة ومدمرة لأبعد الحدود لأنها قد تهز العالم بمجرد كبس أو ضرب زر الجهاز. وقانونا، نقول إن هناك صعوبات جمة في تعريف الجريمة الالكترونية وهذا قد يؤدي إلى إفلات المجرم بجريمته نظرا لعدم وضوح تعريف هذه الجريمة الحديثة. ومن المبادئ العدلية والدستورية الأساسية «لا عقوبة بلا جريمة»، و»لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»، ولذا لا بد من الحرص على تعريف الجريمة الالكترونية وتحديد أركانها وأنماطها وأشكالها بوضوح حتى تتم معاقبة مرتكبها.. (ولكم في القصاص حياة).

من ضمن محاولات تعريف الجريمة الالكترونية، قال القاضي باركر «هي كل فعل إجرامي متعمد إذا كانت صلته بالمعلوماتية تنشأ عن خسارة تلحق بالمجني عليه أو كسب يحققه الفاعل..». والمنظمة الأوربية للتعاون والتنمية الاقتصادية (أو إي سي دي) عرفت الجريمة الالكترونية والمعلوماتية «بأنها كل سلوك غير مشروع أو مناف للأخلاق وغير مسموح به ويرتبط بالمعالجة الآلية للبيانات أو بنقلها».

والقاضي ناديمان عرفها «بأنها الجريمة التي تلعب فيها بيانات الكمبيوتر والبرامج المعلوماتية دورا رئيسيا، وأنها تستهدف سرية المعلومات وسلامتها ووجودها والأجهزة ومحتوياتها بغرض تخريبها».

وهناك من يقول إن الجريمة الالكترونية هي عبارة عن مجموعة أنشطة غير مشروعة تستهدف المعلومات بطريقة تمكن الاطلاع عليها أو تزييفها أو حذفها وذلك بوسائط تقنية المعلومات، ومعلوم أنها تستخدم الكمبيوتر والآلات الذكية كأداة استخدام للجريمة.

والجريمة الالكترونية، تدور حولنا في خفاء تام ودون أن نشعر بها لأنها في الأثير (جريمة سبرانية) الطلق، وخطورة هذه الجريمة الخفية أنها تغطي كل المجالات المالية والحسابات المصرفية والعمليات البنكية، وتتدخل في أخص الخصوصيات وتنتهك الأعراض والذمم، وحتى تضر بأمن الدول وتتجسس عليها.. وهكذا، فهي تحوم في كل الاتجاهات وفي كل الأوقات، وتعمل بسوء نية لتحقيق مصالح دنيئة لا يقبلها القانون ولا الأعراف، ولا ينجو منها أحد مهما كان صغيرا أو كبيرا. ومن هنا تأتي الخطورة.

ولكن، كما يتضح لنا، فإن تعريف الجريمة الالكترونية، ما زال في مرحلة الآراء والدراسات والأفكار من القانونيين والتشريعيين وفنيي تقنية المعلومات، ونتطلع إلى نهج وأسلوب واضحين يضعان هذه الجريمة الخطيرة في إطارها ومعناها الصحيح، حتى تتم محاربتها ومواجهتها فنيا وتشريعيا، وهذا ضروري لحماية الثورة التقنية وتمكينها من التطور لخدمة البشرية وأخذها إلى مجالات تقنية أرحب وأشمل.

والسكوت عن مكافحة هذه الجريمة قد تنتج عنه انعكاسات وخيمة ذات أبعاد مضرة وتكلف الكثير، وما يحدث من الفيروسات الالكترونية المدمرة والتي تطفو على السطح كل يوم، يعتبر خير دليل على مدى خطورة هذه الجريمة، وما تسببه من أضرار مادية ومعنوية لا حدود لها. ومن هذا الواقع، فإن محاربة الجريمة الالكترونية أصبحت من الأمور البالغة الأهمية، وعلينا جميعا التكاتف في وجهها وأول أسلحتنا يجب أن تكون القوانين والتشريعات الحازمة والمتطورة بنفس درجة تطور التقنية الالكترونية.