اليوم العالمي للغذاء.. الأمن الغذائي والمشاركة المجتمعية

الخميس - 19 أكتوبر 2017

Thu - 19 Oct 2017

تصدر القضاء على الفقر المدقع والجوع في العالم الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وخلالها تراجع عدد الأشخاص الذين يعانون من فقر مدقع من مليار وتسعمائة ألف في عام 1990 إلى 863 مليون شخص في عام 2015. كما أن القضاء على الفقر والجوع تصدر قائمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر 2015 حيث ستضع البلدان نصب عينها تحقيق هذه الأهداف السبعة عشر.

يعد اليوم العالمي للغذاء والذي يوافق السادس عشر من أكتوبر من كل عام مناسبة عالمية تهدف إلى توجيه الرأي العام العالمي وتعريفه بمشكلة الجياع الذين يمثلون شخصا من بين تسعة أشخاص في العالم. وفي ضوء رؤية 2030 وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة خمسة عشر هدفا استراتيجيا تهدف من خلالها لتحقيق بيئة وموارد طبيعية مستدامة تحقق الأمن المائي، وتسهم في الأمن الغذائي وتحسن جودة الحياة، كما وضعت الوزارة عددا من المبادرات ستسهم من خلالها في تحقيق مستهدفات برنامج التحول الوطني 2020. ومن المعلوم أن القطاع الزراعي في المملكة يعاني تحديات عديدة، من أهمها شح المياه ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة، مما أثر سلبا على الإنتاج الزراعي الذي يوفر 30% فقط من مجمل الأغذية المتاحة للاستهلاك في المملكة، إلا أننا وبفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة نعد من أكثر الدول الآمنة غذائيا في العالم، على الرغم من اعتمادنا الكبير على الواردات الغذائية التي بلغت فاتورتها السنوية 80 مليار ريال.

ارتبط هدر الغذاء بالفقر، ويعتبر أحد التحديات الدولية، وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» فإن ثلث المواد الغذائية المنتجة تتعرض للتلف أو الهدر عبر مختلف المراحل، بدءا من الإنتاج الزراعي والتجهيز والنقل والتخزين، ووصولا إلى المستهلك النهائي. ولقد وضعت الأمم المتحدة هدفا لخفض معدل هدر الغذاء على المستوى العالمي من 1.3 مليار طن من المواد الغذائية، أي ما يعادل 2.6 تريليون دولار، إلى النصف بحلول عام 2030، ولقد تبنت وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة برنامجا وطنيا للحد من الهدر في الغذاء قائما على التجارب والمعايير الدولية، ويعتبر المستهلك حجر الزاوية في إنجاح هذا البرنامج إذا ما علمنا أن الهدر من الغذاء في المملكة يبلغ 427 كجم لكل فرد سنويا، وهو ما يعادل أن يرمي كل فرد ستة أطباق من الأرز في سلة المهملات يوميا. وتكلف فاتورة الهدر السنوية في المملكة أكثر من 50 مليار ريال، بالإضافة إلى ضررها على البيئة، وتعد المملكة من أكثر الدول هدرا للغذاء بحسب إحصائية تقيس استدامة الغذاء والتغذية، صادرة عن «The Economist Intelligence Unit» بالتعاون مع مؤسسة باريلا للغذاء والتغذية «Barilla»، لذا فيقع علينا جميعا ومن واجبنا الديني والإنساني استشعار ما وهبنا الله من نعم وجب علينا شكرها، ولا شك أن تضافر الجهود من خلال برامج التوعية بالمدارس والجامعات، ومن خلال المساجد ووسائل الإعلام، وكذلك الدور المأمول للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني سيسهم في الوصول إلى الهدف المنشود للحد من هدر الطعام، كما سيسهم تبني التجارب في الدول المتقدمة في الحفاظ على الغذاء وفي مقدمتها فرنسا التي ابتكرت طرقا فعالة وحديثة في الحفاظ على الغذاء وتثقيف المستهلك.

استجابة للنمط الاستهلاكي للمستهلك الذي يفضل اللحوم الحمراء الحية عن اللحوم المبردة والمجمدة تستورد المملكة سنويا، بهدف الذبح وللاستهلاك المحلي، أكثر من 8 ملايين رأس من الأغنام، وما يزيد عن 45 ألف رأس من الأبقار، وأكثر من 100 ألف رأس من الإبل. وتقدر الثروة الحيوانية بالداخل أكثر من 17 مليون رأس من الضأن و6 ملايين رأس من الماعز، ومليون وأربعمائة رأس من الإبل، و354 رأسا من الأبقار. ولهدف السيطرة على الأمراض الحيوانية ولخفض معدل انتشار الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادرة «برنامج الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية» ضمن برنامج التحول الوطني 2020 ومما لا شك فيه أن السيطرة على الأمراض الحيوانية العابرة للحدود من خلال الاستيراد تشكل عبئا على الدولة إذا ما علمنا أن الخسائر الناجمة عن الفاقد في القطاع الحيواني جراء تفشي الأمراض يكلف الدولة أكثر من 10.8 مليارات ريال، إضافة إلى أن الاستيراد للحيوانات الحية يشكل ضغطا على الموارد الطبيعية، مثل المياه والمراعي، واستهلاك الشعير والخدمات البيطرية. ومما لا شك فيه أن تغيير النمط الاستهلاكي للمستهلك جزئيا، والتحول من استيراد الحيوانات الحية إلى اللحوم المبردة والمجمدة، مع وجود خيار اللحوم الحمراء الحية من الداخل سيسهم في نجاح المبادرة، وهذا يتطلب رفع الوعي العام، وزع الثقة لدى المستهلك وإطلاعه على قصص النجاح وتبني الممارسات والمعايير الدولية لإحداث هذا التحول الذي سيوفر الكثير من المال والجهد، وسيدعم المبادرة وأهدافها الرائعة.

يتيح لنا اليوم العالمي للغذاء العمل معا نحو تخفيف معاناة الجياع حول العالم، كما يعتبر المواطن والمقيم حجر الزاوية في إنجاح المبادرات الوطنية والدولية الهادفة إلى تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر والجوع.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال