"درب زبيدة".. معلم تاريخي تنتظره قائمة التراث العالمي باليونسكو

الأربعاء - 18 أكتوبر 2017

Wed - 18 Oct 2017

تزخر المملكة بعدد كبير من الدروب التاريخية التي كان يسلكها سكان الجزيرة العربية ومن حولها قبل الإسلام وبعده، بيد أن "درب زبيدة" ظل أشهرها على الإطلاق، نظير ما يحويه من معالم أثرية لا تزال باقية حتى الآن، مما استحق التسجيل في قائمة التراث العالمي بمنظمة "اليونسكو" في الوقت القريب، وذلك ضمن 10 مواقع طلبت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تسجيلها بناء على موافقة المقام السامي رقم 52984 وتاريخ 29 / 12 / 1435.

ويمتد درب زبيدة "طريق الحج الكوفي" من مدينة الكوفة في العراق مرورا بشمال المملكة ووسطها وصولا إلى مكة المكرمة، ويبلغ طوله في أراضي المملكة نحو 1400 كلم، حيث يمر بخمس مناطق في المملكة هي الحدود الشمالية، وحائل، والقصيم، والمدينة المنورة، ومكة. وأدرج الدرب ضمن مشاريع برنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، الذي تنفذه الهيئة، وضمن مبادراتها في برنامج التحول الوطني.

وسمي "درب زبيدة" بذلك نسبة للسيدة زبيدة بنت جعفر زوج الخليفة العباسي هارون الرشيد، وذلك نظير أعمالها الخيرية، إضافة إلى المحطات العديدة التي أمرت بإنشائها على امتداد الطريق، وكان درب زبيدة من الطرق التجارية قبل الإسلام، وازدادت أهميته مع بزوغ فجر الإسلام، وشهد الطريق المزيد من الاهتمام وازدهر خلال عصور الخلافة الإسلامية المبكرة.

ووفق تقرير صدر عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فقد بلغ الدرب ذروة ازدهاره خلال الخلافة العباسية 132 - 656هـ / 750 - 1258م، عندما حدد الطريق ورصف، كما أنشئت محطات الطريق وحفرت الآبار والبرك وأقيمت السدود وبنيت المنازل والدور، وجرى حصر 27 محطة رئيسة، من أهمها: الشيحيات، والجميمة، وفيد، والربذة، وذات عرق، وخرابة.

وكتب عدد من المؤرخين والجغرافيين والرحالة عن درب زبيدة، ومن أهم من كتب عنه: ابن خرداذبة، وابن رسته، واليعقوبي، والمقدسي، والحمداني، والحربي، وابن جبير، وابن بطوطة، كما استقطب الدرب عددا من الرحالة الغربيين ممن تمكنوا من سلوك هذا الدرب والكتابة عنه في القرنين التاسع عشر، والعشرين الميلاديين.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن هدف هذا الدرب، خدمة حجاج بيت الله الحرام من بغداد "عاصمة الخلافة العباسية" إلى مكة المكرمة، وإثراء الثقافات والعادات والتبادل التجاري في ذلك الوقت بطول يتجاوز الـ1400 كلم تقريبا، حيث وضعت علامات على الطريق لإرشاد الحجاج في ذلك الوقت، ووضعت برك لجمع الماء بطريقة ذكية جدا، وفي أماكن مختارة بعناية فائقة وبمسافات مدروسة ليستفيد منها الحجاج وللتزود بالماء، ويمر بعدد من الجبال والرياض والمرتفعات والمنخفضات والتضاريس المختلفة، وذكر هذا الدرب في كتب الجغرافيين والرحالة القدامى من المسلمين وغيرهم، وذكره الرحالة الفنلندي جورج فالين، وذكرته الليدي آن بلنت في كتابها "رحلة إلى بلاد نجد"، واندثرت بعض معالم هذا الطريق في حين تظهر أطلاله في أماكن أخرى.

ورصد الجغرافيون والرحالة المسلمون محطات الطريق ومنازله بين الكوفة ومكة المكرمة، فبلغت 27 محطة رئيسة، و27 منزلا "أي محطة ثانوية"، وهي محطة استراحة تقام على مسافة محددة بين كل محطتين رئيستين.