محمد العوفي

الذكاء الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة

الاثنين - 16 أكتوبر 2017

Mon - 16 Oct 2017

بات من الملاحظ أن صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي) سيكون المحرك للاقتصاد، ومعززا للنمو الاقتصادي في المرحلة القادمة، فالصندوق بعد أن غير استراتيجياته الاستثمارية كان أكثر مرونة وإيجابية في اكتشاف الفرص الاقتصادية واقتناصها لتعزيز عائدات المالية المستقبلية؛ ولم يعد ذاك الصندوق الذي يركز على الاستثمارات التقليدية، ويعتمد على المشاريع التنموية الحكومية الموكلة إليه، وتوفير فرص العمل المدعومة، ومشاريع البنى التحتية ذات الأهداف التنموية التي كانت تصل إليه دون بحث منه أو دراسة للفرص الاقتصادية والعائدات المتوقعة على المديين المتوسط والطويل، بل بدأ يتحرك بمرونة أكثر بحثا عن الفرص الاستثمارية المتميزة والواعدة.

الذي حدث أن صندوق الاستثمارات العامة - الذي يتوقع أن يكون أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم - بدأ يفكر بعقلية المستثمر الذكي، وليس المستثمر التقليدي، وبينهما فرق شاسع سواء في التفكير أو الاستراتيجيات أو الأهداف، فالمستثمر الذكي تقوده الجدوى الاقتصادية دون سواها، ولا يحصر استثماراته في نشاط معين أو في بلد معين، وأينما وجد الفرص الاقتصادية المتميزة يكون هناك، وكل ذلك يحسب لمجلس الاقتصاد والتنمية ورؤيته المتعلقة بهيكلة الصندوق ومنحه صلاحيات أكبر في تعزيز عوائده المالية.

الذكاء الاستثماري للصندوق يظهر جليا في اعتماده أولا على المزايا النسبية لمناطق المملكة، على سبيل المثال لا الحصر تأسيس شركة «رؤى الحرم» و»رؤى المدينة» و»جدة تاون»، وقبلهما «مشروع القدية» و»مشروع البحر الأحمر»، والمشاركة في مشاريع استثمارية واعدة في الخارج كصندوق «سوفت بنك»، و»شركة أوبر»، و»منصة نون» التسويقية، وغيرها من المشاريع ذات العوائد المستقبلية الجيدة، ولا يزال البحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة سواء أكانت محلية أو خارجية مستمرا.

ومع إطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي التي ستركز على استكشاف ومناقشة الاتجاهات والفرص والتحديات والقطاعات الناشئة التي ستسهم في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد والاستثمار في العالم خلال العقود المقبلة في أواخر أكتوبر الجاري سيكون للصندوق حضوره الذكي في قراءة الفرص الاستثمارية ذات العائد المتوقع المجزي في العالم، واقتناصها لتحقيق استراتيجيتها الواعدة، ليصبح أكبر صندوق استثماري في العالم، ولا سيما أن هناك اهتماما عالميا لعقد مزيد من الشراكات مع صندوق الاستثمارات العامة.

الذكاء الاستثماري للصندوق السيادي حقق خلال فترة قصيرة ما لم يستطع الصندوق تحقيقه خلال 45 عاما منذ تأسيسه، مما يبرهن أن الصندوق يسير في المسار الصحيح، والمجال مفتوح أمامه لتحقيق عوائد استثمارية كبيرة في المستقبل؛ فالفرص الاقتصادية الواعدة كثيرة، والبحث عنها واكتشافها لم يعودا صعبين، ولا سيما أن استثماراته الأخيرة أثبتت أن لديه إدارة واعية قادرة على تحقيق استراتيجيته وتنويع استثماراته وموارده المالية.

@mohdalofi