عبدالله المزهر

الزمن الجميل ليس كذلك!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 15 أكتوبر 2017

Sun - 15 Oct 2017

في كل مرة أشاهد صورة قديمة ـ وأنا أفعل ذلك كثيرا ـ أتحسر كما تفعلون جميعا على «الزمن الجميل»، ومصطلح الزمن الجميل يعني الماضي دائما. لم أسمع هذا المصطلح يطلق على الحاضر للتعبير عن سعادة آنية، أو على المستقبل من أجل أمل منشود. واقتصار المصطلح على الماضي يعني أن الحاضر قبيح، أو بعبارة ألطف «ليس جميلا» بما يكفي للاحتفاء به.

لكنه مصطلح مخادع، ونحن نعلم أنه كذلك، ولكننا نحاول تجاهل هذه الحقيقة، هو مخادع لأن الحاضر «القبيح» هو الزمن الجميل الخاص بالمستقبل، والزمن الجميل الذي نتمنى أن يعود هو حاضر قبيح قد انتهى.

ولذلك يحق لنا ـ أو بعضنا ـ أن نسأل، هل الزمن الجميل جميل فعلا؟!

أظن أنه ليس كذلك بشكل مطلق، ليس جميلا جمالا متفردا، وكل ما في الأمر أن الإنسان يخترع خدعا وحيلا نفسيه يقنع بها نفسه أن الحياة هي التي تتغير وليس هو، وربما يحب الإنسان الماضي ليس لأنه أجمل من الحاضر ولكن لأنه الفترة الزمنية التي لا يمكن تغييرها ولا العبث بملامحها، إنها المرحلة التي لا تحتاج إلى أي مجهود للتعامل معها. أما تغيير الحاضر فيحتاج إلى جهد وقدرة وإرادة، وتغيير المستقبل يحتاج إلى تخطيط. والجهد والتخطيط والإرادة ليست أشياء رومانسية قريبة من القلب. الماضي يحتاج إلى تأمل فقط، وفي التأمل والتذكر رومانسية تجعل الماضي محبوبا مهما كان بشعا ومحبطا وسيئا.

أتذكر الماضي مبتسما، أشعر أن كل ما أتذكره من الأحداث والناس والأشياء أصدقاء قدماء أشتاق لرؤيتهم. مع أن غالب هذه الذكريات والأحداث التي أتذكرها ليست جيدة بما يكفي لكي أتمناها في حاضري أو في مستقبل من أحبهم.

الماضي يشبه الصديق «الغثيث» الذي تشتاق إليه في غيابه كثيرا لكنه حين يحضر تتمنى لو أن علاقتك به استمرت في دائرة «الاشتياق» فقط.

وعلى أي حال..

أكتب هذا المقال وأنا أشاهد مباراة الاتفاق وهو يخسر ـ كما يفعل كل أسبوع ـ وهذا يعني أن الزمن الجميل ليس أسوأ من الحاضر دائما، فقد كان الاتفاق يفوز في الماضي مرة واحدة على الأقل في الشهر. وكل ما أخشاه أن يكون حاضر الاتفاق اليوم زمنا جميلا في المستقبل يتذكره الاتفاقيون الذين سينجون من خطر الانقراض الذي يتعرضون له اليوم.

طابت أوقاتكم ـ وأوقاتي بالطبع ـ وأتمنى أن يكون زمننا الجميل هو الحاضر، وأن يكون زمننا الأجمل هو المستقبل في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

@agrni