سعوديات بدون سعوديين

الاحد - 15 أكتوبر 2017

Sun - 15 Oct 2017

فتح باب السيارة بعصبية، ومن ثم عاد فأقفله بعنف وهو يتأفف من حرارة الجو. ثم دخل بيته وداخله يضج بالضجر والضيق بعد يوم آخر من ضغوطات العمل وروتينه الممل. توجه للنوم دون غداء ليتناوله عند استيقاظه حين تأتي زوجته إلى البيت من عملها في شركة خاصة عصرا، وقد مرت وجلبت معها ولدهما الصغير من الحضانة. أيقظته زوجته للغداء، قام بمزاجه العكر وجلس معها على المائدة بوجه عابس، حاولت فتح حوار معه بينما تقوم بإطعام طفلهما، ولكنه استمر بالإجابة باقتضاب، وحين انتثر عليه بعض من طعام الطفل، قام بعصبية وهو يصرخ في تأفف من قلة انتباهها وقذارة طفله. حبست الزوجة غضبها وهي تشعر بعدم التقدير للمرة المليون في حياتهما الزوجية. وتوجه هو لغسل يديه وهو يشعر بالضيق من الحياة كلها للمرة المليون.

البيوت في حالة فوران، والطلاق بالذات عائد ليتربع على عرش المشهد الاجتماعي.

انظروا حولكم، كم شخصا تعرفونه يطلق الآن، وكم شخصا طلق في خلال السنة الأخيرة، وكم شخصا يفكر في الطلاق بصورة جدية. نعم إنهم كثيرون، وليس من المبالغ أن نقول إن العدد في ازدياد. والرجال يتهمون النساء بالمادية وقلة الصبر. والنساء يتهمن الرجال بالتخلي عن المسؤولية والجفاف العاطفي. والأهالي يتلونون، فإن كان ابنهم من يريد الطلاق فالخطأ من المرأة التي لم تعرف كيف تحتويه. وإن كانت ابنتهم فالخطأ من الرجل الذي لم يعرف كيف يتعامل معها.

كتبت في مقال سابق عن حضوري لأحدى دورات المهارات الزوجية قبل سنوات طويلة، وعن تعليقي على كثرة عدد النساء في مقابل عدد متواضع جدا من الرجال. ولم يتغير شيء، فالأسبوع الماضي كنت في دورة تدريبية عن المهارات المالية لأجد عشرين امرأة في مقابل رجل واحد فقط. ولنقس على ذلك كل الدورات والبرامج «الأونلاين» حيث يقول أصحابها بأنه أحيانا في مقابل مئة امرأة هناك رجل واحد، نعم رجل واحد فقط يتعلم ويطور مهاراته ووعيه بالحياة في مقابل مئة امرأة. وقد تحدثت وقتها أننا مقبلون على أزمة تطور المرأة فكريا وعاطفيا على الرجل بمراحل عدة. وسيؤدي ذلك بالطبع إلى فجوات في التفاهم والانسجام إن كان أصلا موجودا، وإلى انتهاء الحياة في حال لم يكن موجودا أصلا.

عزيزتي المرأة أتفهم موقفك جدا. ونفس الشيء بالنسبة للرجل في حال كان هو الأكثر تطورا ومعرفة. ولكنني أذكركم جميعا بأنه في حال كثرت المشاكل في الحياة الزوجية فإنه ليس من العدل أو المنطق أن نتوجه باللوم للطرف الثاني دون النظر إلى أنفسنا لمحاسبتها وإدراك مواضع الخطأ فيها، وأن تطور وعيك ومهاراتك يضع على عاتقك مسؤولية تحسين الحياة وإنقاذها من الانهيار في حال كان ما زال هناك رصيد جيد من العشرة والمودة التي قد تنتعش ثانية للحب. أو في حال العمل على سقطاتكما وأخطائكما من أجل تجربة جديدة خالية من المشاعر المتراكمة والقناعات العتيقة، وبالتالي مليئة بالحب والسعادة التي يستحقها كل شخص أدرك أنها تحتاج الوعي والمعرفة للوصول إليها.

hebakadi@