من خطب الجمعة

الجمعة - 13 أكتوبر 2017

Fri - 13 Oct 2017

دياجير الجهالة

«رفع الله تعالى مكانة العلم وأهله وعظم منزلتهم وأعلى شأنهم، وبين سبحانه أن العالم والجاهل لا يستويان، ولقد كانت العرب قبل الإسلام أمة غائبة ليس لها سيادة، ولا هدف ولا غاية، يعيشون في دياجير الجهالة والظلمات، وتسودهم الخرافة والوثنيات، وتمزق جمعهم العصبيات والعنصريات، حتى بعث الله تبارك وتعالى برحمته وفضله، ومنته وكرمه، نبيه ومجتباه، محمدا صلى الله عليه وسلم، فأخرج به الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فجاء متمما لمكارم الأخلاق معلما ومربيا، ومزكيا وموجها، إذ العلم بلا تربية وتزكية وبال على صاحبه في الدنيا والآخرة، وكان صلى الله عليه وسلم في تربيته وتعليمه سمحا رفيقا ميسرا مبشرا، وكان يسلك في تعليمه وتربيته الرفق واللين، وإظهار المحبة للمتعلمين، وكلما كانت البيئة التعليمية آمنة، استطاع طالب العلم أن يفصح عن جهله وعدم معرفته، دون خوف أو خجل وأن على معاشر المربين والمربيات أن يعلموا أن للقدوة آثارا جليلة في نفوس المتعلمين، وكلما كان المعلم متأسيا بنبيه صلى الله عليه وسلم، وقدوة حسنة في الخير، كان أعظم أثرا في تلاميذه، وليس هناك أعظم مكانة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو سيد ولد آدم، وخليل رب العالمين، وأول شافع ومشفع، وأول من تفتح له أبواب الجنان، وهو صاحب الحوض المورود والمقام المحمود، ومع ذلك كله، لم يكن أحد أكثر تواضعا منه صلى الله عليه وسلم، والمعلم الناجح، والمربي الحاذق، من يراعي في تعامله مع تلاميذه، اختلاف أحوالهم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يراعي أحوال أصحابه، فيوصي كل إنسان بما يناسبه، كما كان له في معالجة الأخطاء منهج فريد، يبين مواضع الزلل، ويحفظ كرامة الناس دون تشهير أو تعنيف، والمربي الناجح هو الذي يوظف جميع الطاقات، فيربي الأبناء والبنات على تحمل الأعباء والقيام بالمسؤوليات، ويبث فيهم روح المشاركة والعطاء، والتشييد والبناء، ليكونوا لبنة صالحة في أوطانهم»

ماهر المعيقلي - الحرم المكي

سعادة البشرية

«من أراد الأمن والسلام في نفسه وأهله ومجتمعه فعليه بدين الإسلام فعقائده وشرائعه أمن وسعادة وأنس واطمئنان وكلما زاد تحقيق الإسلام في مجتمع عم فيه الأمن والسلام، وسلام هذا الدين شامل لجميع الخلق بعزة وعلو نفوس أهله، وأموالهم وأعراضهم معصومة، والسلام أمان ودعاء ومن جمال الإسلام وكماله أن سن ذلك للأحياء والأموات، وليس أحوج إلى الدعاء ممن فارق الحياة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتى المقبرة يقول (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وتحية المؤمنين من ربهم في الآخرة سلام قال سبحانه «تحيتهم يوم يلقونه سلام» ومنزلهم الجنة دار السلام فلا موت فيها ولا أحزان ولا هموم ولا أسقام قال تعالى «لهم دار السلام عند ربهم» ويقال لهم «ادخلوها بسلام آمنين»، وتفتح لهم أبواب الجنة ويستقبلهم خزنتها قائلين «سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين»، وإذا دخلوا الجنة « لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما»، «خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام»، «والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»، وإذا اشتغل أهل الجنة بما أنعم الله عليهم فيها فكمال نعيمهم بالنظر إلى ربهم وسلامه عليهم قال تعالى «سلام قولا من رب رحيم»، ودين الإسلام دين شامل لجميع تعاليم الحياة صالح لكل زمان ومكان وفي أحكامه استقامة أمر الدنيا والآخرة وسعادة البشرية، يدعو للسلام ويكفل الرحمة بين الخلق ويهدي في كل أمر للتي هي أقوم، من تمسك به فاز وعز، ومن فرط فيه خسر نفسه ولا يضر الله شئيا».

عبدالمحسن القاسم - الحرم النبوي