سراب الليبرالية في قطر

الجمعة - 13 أكتوبر 2017

Fri - 13 Oct 2017

يعتقد البعض بأن قطر تنتهج سياسة ليبرالية منفتحة، تحتضن الحريات وتكفل للجميع حق التعبير عن الرأي، وفق ما تروج له وسائل إعلامهم التي ساهمت في إبراز صورة نمطية في أذهان الناس تعكس ذلك، وعلى رأسها قناة الجزيرة، والتي دائما ما تدعي أنها تتبنى المبادئ الديمقراطية وأحقية الشعوب في تقرير مصيرها، فجعلت من شعار «الرأي والرأي الآخر» ملازما لها.

وقد استطاعت الدوحة عبر هذه الحيلة حياكة نسيج وهمي يغطي على عورات النظام القمعي في الداخل، حتى يموه الرأي العام العالمي عن هذه الحقيقة المرة، خصوصا أن تلك الأبواق لم تتناول أبدا ما يدور في الداخل من احتقان بين الشعب والسلطة، ولم تلامس احتياجات المواطنين بتاتا، وإنما تسقط سياساتها التحريضية في محيطها الخارجي، ولكن مع إصرار قطر على سياساتها المضنية التي تهدف للتآمر وزعزعة أمن واستقرار الدول الشقيقة، حتى بلغت خسائر الربيع العربي الذي أخذت بزمامه 833 مليار دولار بحسب تقرير صادر عن المنتدى الاستراتيجي العربي، ومقتل وجرح ما يزيد عن مليون وثلاثمائة ألف من البشر بالإضافة إلى تشريد ما يزيد عن 14 مليون شخص، والعدد قابل للزيادة في ظل عدم اتعاظ رهيب من رفاق تميم، فما تزال قطر تسعى لزعزعة ما تبقى من أمن واستقرار في المنطقة، حيث تشير دراسة قام بها الباحث فالح الذبياني إلى أن الإعلام القطري نشر ما يزيد عن 20 ألف مادة ضد السعودية بدرجة أولى، ثم الإمارات والبحرين ومصر واليمن، خلال 3 أشهر، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام للرد بالمثل ليتم تسليط الضوء على السياسة القمعية لتنظيم الحمدين تجاه الشعب القطري، لتنقشع ضبابية المشهد المحلي هناك. فقد ذكرت وسائل إعلام مختلفة أن السلطات القطرية لم تكتف عند حد الكبت والتعتيم فحسب، بل باشرت بإجراءات صارمة ضد كل من ينصح أو يعقب على أزمتها مع جيرانها، تمثلت باعتقال الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني وفرضت عليه الإقامة الجبرية، كما باشرت بسحب الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة الشيخ طالب بن لاهوم ومعه أكثر من 50 شخصا من أسرته، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى الشيخ شافي بن ناصر حمود الهاجري، شيخ قبيلة شمل الهواجر، ومعه مجموعة من عائلته، بل طالت الإجراءات إسقاط الجنسية عن الشيخة نوف بنت أحمد آل ثاني أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وامتدت يد الحرمان إلى شاعر المليون محمد بن فطيس المري، وذلك بحجة مساندته السعودية على حساب حكومة تميم، بعدما دعا إلى وحدة الصف الخليجي وعدم تسييس الحج، والتطاول على الرموز والعلماء، واستنكر أسلوب السب والشتم، مما جعل هاشتاق سحب جنسية ابن فطيس يلهب صفحات التواصل الاجتماعي التي اعتبرته قرارا جائرا، خصوصا أن الأخير أكد بأن دافع كلمته ونصحه هو موالاته لوطنه وقيادته، وحرصه على أمن واستقرار المنطقة بعيدا عن النزاعات والفرقة، كما طالت تلك الإجراءات القمعية والتهديدية عددا من المعارضين والناشطين كخالد الهيل ووزير الدفاع السابق اللواء حمد بن محمد آل ثاني، والعقيد سلطان السبيعي. واعتقلت السلطات ثلاثة من أفراد الأسرة الحاكمة وهم الشيخ حمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والشيخ ناصر بن عبدالرحمن آل ثاني، والشيخ أحمد بن جبر آل ثاني، في حين ما زال كثير من المعارضين يقبعون خلف القضبان منهم 20 شخصا من الأسرة الحاكمة وفق ما ذكرت مجلة لوبون الفرنسية.

أمر يشير إلى أن السلوك القطري يجسد كل التناقضات، ويوحي بأن الدوحة تقول عكس ما تفعل. كل هذا ينبئ عن حالة من العزلة والاستنكار لتنظيم الحمدين، ستزداد في الأوساط الإقليمية والدولية، وحالة من التذمر والتشاؤم ستسود الشارع القطري، وقد تفضي إلى ثورة جبارة في نهاية المطاف، فالنفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، والشعوب باتت تعي جيدا أن لسان الحال أصدق من لسان المقال، بل قد يكذبه أيضا..!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال