عبدالحليم البراك

أفضل اختراع مروري بالعالم (قف)

الاثنين - 09 أكتوبر 2017

Mon - 09 Oct 2017

ما لا نعلمه، هو الاختراع المروري الممثل بلوحة مكتوب عليها (قف)، هذا الاختراع اللطيف الذي لا نراه إلا إذا أنهت الأمانات والبلديات الشارع الجديد، إذ إن من مواصفات إنشاء الشارع؛ وضع اللوحة الإرشادية (قف) ثم ما تلبث هذه اللوحة أن تكون عرضة لحركاتنا التي لا تنتهي مثل: صاحب محل متضايق منها يزيلها، صاحب مكتب عقاري تعجبه اللوحة يسرقها ويعيد دهانها ويكتب عليها الأرض للبيع أو للإيجار، بينما – أحيانا- يقوم أصحاب تسديد مديونة البنوك ونظافة المنازل «والسطحات» بإلصاق أرقام هواتفهم الدعائية لأنشطتهم عليها، وإن صمدت اللوحة بضعة أشهر فإنها لن تصمد من حادث مروري (يقلعها ويقلع أبوها) من الموقع، وإن لم تلاحظ هذه الملاحظات فأنت عزيزي القارئ غير معترف بها أصلا فلا تراها رغم أنها موجودة!

وسأشرح لكم مميزات هذه اللوحة اللطيفة:

- تحدد أولوية المرور في الشارع والتقاطعات التي لا يوجد فيها إشارات خاصة داخل الحارات، فمن حق أحد الأطراف المرور مباشرة دون التوقف والآخر يجب عليه التوقف 100% وبذلك سيختفي المشهد غير الحضاري المتمثل بـ «ضرب المنبه» نهارا، وإزعاج الناس (والتكبيس) بالأنوار ليلا، وإعماء عيون الشياب، لدرجة ومن شدة الحرص لدى بعضهم لم يتبق إلا أن ينزل من سيارته ليتأكد أنه لا يوجد أحد!

- سيحدد من عليه الخطأ بنسبة 100% في حالة وجود حادث، فقد مللنا من نسب المرور غير العادلة المتمثلة بـ 25% و75% أو النصف بالنصف وتختفي عبارة (كل واحد يصلح سيارته) و(تصالحوا يا شباب)، (بالحديد والحال يعود)!

- من مميزاتها أنها تجعل – وبالضرورة – السيارات تهدأ داخل الأحياء فكما تعلمون – أو كما لا تعلمون- أن من شروطها توقف العجلات تماما لمدة 5 ثوان لمن تكون هذه اللوحة في طريقه، باللغة الإنجليزية السعودية المعربة «كمبليتي ستوب».

- تفعيل علامة (قف) يعيد الهيبة للعلامات التحذيرية مثل تحديد السرعة، والتجاوز، وغيرهما داخل الحارات والشوارع وتكرس مفهوم الأفضلية للمستحق؛ بدلا من الأفضلية لـ «الشجاع الجريء أو للهايلوكس وأصحابها في الرياض والقصيم، واللاندكروزر في حائل والكراسيدا في مكة والفورد في الشرقية وتطول القائمة».

عموما بعد إهمال هذه العلامة الصغيرة المهمة، والرخيصة الثمن عدة سنوات، فإن إعادة تأهيلها وتأهيل الوعي فيها يحتاجان مليارات وإليكم الحسبة:

- برامج توعوية للمواطنين قبل تفعيلها تكلف مبالغ طائلة..

- مبالغ كبيرة لإعادة تركيبها في الشوارع والتقاطعات ستكلف عشرات الملايين من الريالات.

- دورات تدريبية لرجال المرور لمعرفة قواعدها وتطبيقها ستكلف ملايين الريالات.

عموما لو تأخرنا في تفعيلها فالتكلفة ستزيد، والحوادث ستستمر، والفوضى ستكون موجودة، والحياة حلوة «بس نفهمها».

أخيرا، وددت أن أشير إلى أن الدول المتقدمة الغربية في أوروبا وأمريكا تعتمد عليها كثيرا، ولكن بسبب أن الحديث عن أمريكا وأوروبا والتقدم في الوعي والأنظمة لديهم أصبح مكرورا مملولا؛ فقد قررت ألا أشير إلى ذلك!