الثروة المهدرة

الاحد - 08 أكتوبر 2017

Sun - 08 Oct 2017

بعد انخفاض أسعار النفط لما دون الـ50 دولارا كثر الحديث عن ضرورة العمل على تنويع مصادر الدخل بدلا من اعتماد اقتصادنا على مصدر واحد، ويأتي هذا ونحن لدينا الكثير من الموارد المهدرة التي وصفها الخبراء بالكنز المهدر دون الاستفادة منها، ومن ضمن هذه الموارد المخلفات العضوية والزراعية بمعنى آخر (القمامة) التي إذا أحسن استغلالها من الممكن أن تدر على الدولة عشرات المليارات.

فلك أن تعلم أن المواطن يهدر 427 كيلوجراما من الطعام سنويا، فيما جاء الإندونيسي ثانيا بـ300 كيلوجرام، والأمريكي ثالثا بـ277 كيلوجراما، والإماراتي رابعا بـ196 كيلوجراما للفرد أي إننا نحتل المركز الأول عالميا في إهدار الطعام وفقا لإحصاء نشره مركز «بارييلا للطعام والتغذية»، بالتعاون مع مجلة «إيكونوميست البريطانية»، وأكدت بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة أن ثلث الطعام يهدر في السعودية وهو ما يقدر بـ50 مليار ريال، وهذا الأمر خطير للغاية بالنسبة لنا، خاصة أننا نستورد غالبية غذائنا من الخارج.

إن حث المواطن على عدم الإسراف في الطعام، لن يأتي أكله على المدى القريب، والحل الأقرب من وجهة نظري هو التعامل مع هذه الظاهرة باعتبارها أمرا واقعا، خاصة أننا كمجتمع نأخذ الكثير من الوقت لكي نغير ثقافتنا، وننظر إلى الإسراف في الطعام على أنه نوع من الشرف والوجاهة الاجتماعية، ففي المآدب والأفراح تمتلئ الموائد بالكثير من أنواع الطعام والشراب، ويكون مصير معظمها في النهاية سلة المهملات.

إن التعامل مع الطعام المهدر والمخلفات باعتباره (قمامة) هو لب المشكلة، فبالإمكان الاستفادة منه وتحويله لسلعة لها قيمة مادية كبيرة، فعلى سبيل المثال يمكن الاستفادة من الطعام المهدر في إنتاج الأسمدة الزراعية والأعلاف الخاصة بالحيوانات، إضافة إلى أن طنا من المواد العضوية يمكن أن ينتج من 200 إلى 250 كيلو وات كهرباء، ناهيك عن حماية البيئة، فعملية تحلل النفايات العضوية ينتج عنها غاز الميثان الذي له تأثير في ظاهرة الاحتباس الحراري يعادل 24 مرة تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون.

الأمر لا يتوقف عند هذا فحسب، فالذبيحة التي تلقى من الممكن العمل على تخزينها وتصنيعها وتصديرها، خاصة أن العائد المادي منها سيكون كبيرا، لأنها كانت عبارة عن ثروة مهدرة، وذلك علينا الاستفادة من كل شيء في المخلفات أو القمامة، فعلى سبيل المثال يشكل الورق نسبة قليلة من وزن النفايات وزنا إلا أنه من المواد القيمة التي لا يجب أن ترمى، فإعادة تدوير طن واحد من الورق توفر ما يعادل 70 جالونا من البنزين أو 3 براميل من النفط، كما أن صناعة الورق من مواد معاد تدويرها توفر 61% من المياه المطلوبة مقارنة بصناعة الورق من الخشب الخام، وكل طن من الورق المعاد تدويره ينقذ 100 قدم مكعبة من مساحة المكب ويخفف 70% من ملوثات الهواء، ويحافظ على ما يقارب الـ 17% من الأشجار المطلوبة لصناعة الكمية نفسها من الورق.

وأخيرا وليس آخرا، علينا أن نعمل على استغلال مواردنا بالشكل الأمثل قبل البحث عن موارد أخرى، لأن هذا سيوفر علينا الكثير من الجهد والوقت وسيعود على بلادنا بالخير الوفير، ولعل (القمامة) تعتبر نقطة في بحر من الموارد المتاحة في بلادنا، ولكنها لم تستغل إلى الآن.. فهل نستيقظ قبل فوات الأوان؟

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال