المعلم متألم

الاحد - 08 أكتوبر 2017

Sun - 08 Oct 2017

في اليوم العالمي للمعلم والذي يأتي كل عام بتاريخ 5 أكتوبر أجده فرصة كي أبوح بشيء عن همومه وشجونه، وبعض من كفاحه وصراعه. عندما كنا صغارا على مقاعد الدراسة كانت مهنة التعليم في عيوننا عظيمة، بل إنها توازي مهنة الطبيب والطيار والمهندس إن لم تكن أعظم، والأسباب في ذلك كثيرة، منها ما تم تجاهله ونسيانه، ومنها ما تهدم بنيانه، فلا النظرة المجتمعية بقيت على حالها ودودة، ولا الأيادي المساعدة ظلت مرحبة وممدودة، وأصبح المعلم وحيدا بعدما ألبسوه لباس الخصم، وأصبحت مهنته غير جاذبة، ولن أستغرب كثيرا إذا ما عزف عنها الشباب فلديهم ما يكفي من الأسباب.

واليوم للأسف المعلم يتألم لأنه يشعر أنه هدف سهل لكل من أراد انتقاده بجهل، ويتألم لأنه يبذل جهده بالتربية والتعليم ويجد من يتهمه بالتكاسل والتقصير، ويتألم لأن عبارات الثناء والمديح استبدلت بعبارات التهديد والوعيد، وهو يتألم حينما تكبر أخطاؤه وتعمم وحينما يسرف المتربص في هجائه ويتهكم.

المعلم يعلم أن كل شيء ينقص بالإنفاق إلا العلم، لذا فهو يعلم طلابه ويزداد بهم ومعهم علما وفهما، وبما أن انجذاب الطلاب إلى معلمهم يعد شرطا مهما لاستفادتهم منه، فهم كثيرا ما يرون فيه القدوة الحسنة، ولكن بعض الإعلام لا يعجبه ذلك، فيبث سمومه من خلال بعض المقالات المفلسة، أو (الكاريكاتيرات) المضللة، أو الأعمال التلفزيونية المخجلة، والمعلم بطبيعة الحال بشر قد يعتريه النقص أو الخطأ، ويفترض بوزارته أن تحميه وتعيد توجيه مساره، لا أن تتركه عرضة للباحثين عن الشهرة والإثارة.

طالب اليوم ذكي ويصعب إدهاشه، وهو في ذات الوقت مشتت وتائه، المغريات من حوله كثيرة، والبيئة المدرسية لم تعد مثيرة، لذا يجب على المعلم أن ينوع أسلوبه، وأن يجدد أدواته، واقتراحي لوزارة التعليم إن كانت لديها رغبة جادة في تطوير التعليم والمعلمين أن تقوم بعمل دورات تطويرية مستمرة طوال العام الدراسي عن طريق (الأون لاين online)، وأن تقيم المسابقات التحفيزية للمعلمين المبدعين على أن تكون واقعية وبعيدة عن الشروط التعجيزية، وأن توزع عليهم كتيبات دورية تحتوي على أحدث الدراسات التربوية وأفضل طرق التدريس، وأن تعزز القيمة المعنوية للمعلم باعتباره صاحب الدور الرئيس في المنظومة التعليمية، وأن تعمل على توفير بيئة تعليمية مريحة نفسيا للطالب والمعلم، وأن تجتهد في إبراز الأفكار الرائدة والمبادرات الواعدة وتقوم بتعميمها، وأن تقوم بمقاضاة كل من يتطاول أو يسيء لمنسوبي التعليم بغير وجه حق.

في الختام، التعليم عبارة عن منظومة كاملة متكاملة، معلم وطالب ومنهج وبيئة تعليمية وأسرة وإعلام ومجتمع، وعلى هؤلاء جميعا أن يتكاتفوا برغبة صادقة وعزيمة جادة، ليحقق التعليم أهدافه المرتبطة مع محاور رؤية 2030، (مجتمع حيوي) قيمه راسخة وبيئته عامرة، و(اقتصاد مزدهر) فرصة مثمرة وتنافسيته جاذبة، و(وطن طموح) حكومته فاعلة ومواطنه مسؤول.