الغول والعنقاء والخل الوفي

السبت - 07 أكتوبر 2017

Sat - 07 Oct 2017

جاء في الأساطير عند العرب أن المستحيلات ثلاثة، وهي الغول والعنقاء والخل الوفي. الغول كائن خرافي يرد ذكره في القصص الشعبية والحكايات الفلكلورية، يتصف هذا الكائن بالبشاعة والوحشية والضخامة، وغالبا ما تتم إخافة الأطفال بقصصه. أما العنقاء فهو ذلك الطائر الأسطوري ذو العنق الطويل الذي يخافه الجميع لكبر حجمه وقوته الخارقة. أما الخل الوفي فعد من المستحيل وجود صديق وفي مخلص ويحمل مشاعر خاصة لصديقه ويكون حوله عند الشدائد.

وفي هذا يقول أحد الشعراء:

لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد اصطفى

فعلم أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي

تجارب الحياة ومواقفها أبانت لي أن المستحيل اثنان فقط، الغول والعنقاء. ليس لأن الخل الوفي ليس مستحيلا فحسب، بل إن الأخلاء الأوفياء موجودون بين ظهرانينا ويعيشون بيننا. في الفترة القريبة الماضية، أحد الأشخاص الشجعان توفاه الله بعد صراع طويل مع المرض، كان يعاني بصبر واحتساب، قانعا بما كتبه الله له، الكثير من حوله تعلم من تجربته هذه، أثناء هذه الشدة كان حوله الكثير، بفضل من الله، من الأخلاء الأوفياء.

هناك من رفع روحه المعنوية، هناك من ناصره في كفاحه مع المرض، هناك من سامره في حله وترحاله، هناك من أنار ظلمة لياليه الموحشة، هناك من أبى أن يتركه وحيدا، هناك من كان كالفهد متربصا حوله، متفقدا أمره، هناك من كان بندرا لهمومه (البندر تعني المرسى)، هناك من صدق معه في مشاعره وأحاسيسه، وهناك من أسعده بالكلام الطيب.

هم أخلاء أوفياء كأنهم كتيبة تؤتمر بنداء الصداقة الحقة والوفاء اللامحدود، هم كتيبة شجعان بلا ريب.

قال الإمام الشافعي:

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا

من المصادفة البحتة، أن اسم أحد هؤلاء الأخلاء الأوفياء ورد في هذا البيت!

بلا ريب أن الصداقة القوية هي شجرة مثمرة، أرست جذورها المواقف الصعبة والأخلاق الحميدة، مع الثقة بالنفس، وذلك بالترفع عن توافه الأمور والتضحية من جميع الأطراف.

لنا عبرة في أعظم صداقة عرفها التاريخ، ألا وهي صداقة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه، سماه الرسول الصديق لأنه أول من صدق الرسول ولازم الصدق طيلة حياته. هذا، وإن للحب في الله ثوابا عظيما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء. رواه الترمذي.

ختاما نقول للجميع تفاءلوا فما زالت الدنيا بخير.