قيادة السيارة ضرورة اقتصادية أولا

الجمعة - 06 أكتوبر 2017

Fri - 06 Oct 2017

طوى الملك سلمان حفظه الله بأمر سام في يوم السادس والعشرين من سبتمبر القضية الجدلية الأبرز على الساحة الاجتماعية في السعودية وهي قيادة السيدات للسيارة بعد عقود من الانتظار والتأجيل وانقسام الرأي العام حولها في قرار تاريخي كان منتظرا بحكم توارد الكثير من الأقاويل بشأنه وعدم تماهي المنع مع أهداف مشروع التحول الاقتصادي الوطني وفق خطة 2030.

ثلاثة وثلاثون مليار ريال سنويا هي أجرة تكاليف استقدام ورواتب مليون وثلاثمئة ألف من السائقين لدى الأسر السعودية، مبلغ كبير جدا كبد الاقتصاد السعودي الخسائر لعقود طويلة، وعانى المجتمع والأفراد الكثير من مشاكل العمالة الوافدة غير المدربة، أو الخطورة المتمثلة في الخلل السلوكي والأخلاقي لدى بعضهم، ومنهم من كان مدركا لضرورة تواجده فأحسن استغلال هذا الظرف في ظل صعوبة وجود البديل.

أدركت الدولة حجم الضرر الاقتصادي الذي يثقل كاهلها جراء منع القيادة النسائية وهو ما يؤثر كثيرا على تنفيذ مشاريع التحول الوطني، إذ تمثل النساء 50% من القوى البشرية المعطلة بسبب بعض الإجراءات النظامية البالية، وهذا الأمر لا يتماشى مع الخطة التي تقضي بضخ ملايين من أبناء وبنات الوطن في سوق العمل وتقليل التحويلات الخارجية والاستغناء عن استخدام العمالة الوافدة، وهو السبب الأهم في رفع المنع عن قيادة السيارة، والذي أخذ العديد من أبناء الوطن النبلاء على عاتقهم مسؤولية توضيح ضرره بالأرقام للجهات المعنية، والمطالبات الحثيثة من المسؤولين القيام بما يلزم تجاهه حفاظا على خصوصية الأسرة والمجتمع للتخلص من هذا العبء الاقتصادي.

رغم الوعي الكبير الذي انعكس على الآراء الاجتماعية لدى استقبال القرار الجديد إلا أن الأصوات الناشزة لا تنفك عن تمرير رسائلها عبر وسائل التواصل الاجتماعية بالتخويف من منح المرأة لحقوقها الطبيعية بالتوازي مع نظائرها من نساء العالم العربي المسلم، والتقليل من شأنها بالانتقاص من قدراتها، أو اللعب على تضخيم النزعات الذكورية البدائية التي ترى في المرأة كائنا تابعا من الخطورة وقلة الرجولة أن تعمل وتنتج وتقود سيارتها وتتكامل مع أبناء بلدها من الرجال، والمؤسف بأن تؤيد بعض النساء مثل هذا الأمر، وتأويل أي قرار يمنح المرأة المزيد من الحرية وتسهيل ظروف العمل والحياة إلى شكل من أشكال المؤامرات والبعد عن الله.

تلك المرأة السعودية التي برز إبداعها في الوطن وخارج حدود الوطن، في المجال العلمي والعملي رغم قلة الصلاحيات والخنق الاجتماعي والآراء الفقهية المتشددة، سيدفعها نيل حقوقها وتسهيل حياتها إلى وثبة قوية في اتجاه القمة، وبناء الوطن، والمجتمع وتجاوز الآراء المثبطة.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال