الذات الجائرة.. والجاهلة!

الجمعة - 06 أكتوبر 2017

Fri - 06 Oct 2017

مهما كنت متفانيا ومخلصا في أداء عملك، فلن تنجو من شرنقة الخطأ والنقد على حد سواء، فكن على استعداد تام للاعتراف بالخطأ في سبيل إصلاحه، واترك مساحة شاسعة للنقد على اختلاف صوره، فالحصيف هو من يسير الأمور في صالحه بحكمة وعقلانية.

الناقد الحاقد هو بمثابة المفرط في النرجسية الذي لا يرى عيوبه الواضحة كقرص الشمس في رابعة النهار، ومن يعتبر أنه خال من الأخطاء والنقائص فقد ظلم نفسه بأشد من ظلم من يتحين الفرص لإشعال جذوة النقد للتنكيل بالآخر غير مستند إلى دلائل وقرائن وبراهين.

وأنت تعمل وميدان العمل فسيح، والخطأ فيه وارد، والكمال مطلب الجميع، ومقاربته طموح المتفائلين، أنت تعمل إذن أنت معرض لما يحتمل ميدان العمل من خلل؛ وبالتالي سيظهر للعلن عبر وسائل الإعلام الحديث منها والتقليدي من يشكك في نزاهتك، ويخون أمانتك، ويطعن في إيمانك ومنهجك، ليكسر مجاديف الإرادة، ويحطم المعنويات، لإحاطة الأهداف بالمعوقات المزمنة التي لا تفتأ أن تنفك من وهم الإخفاق، لا لشيء سوى أنك اجتهدت، وأن المتصيد يريد من خلال ذلك الوصول إلى الإثارة، والاستمتاع برؤية الفشل والفاشلين، وربما يكون ذلك ليخلع تلك الصفة عن ذاته أو أنه لا شيء عنده ليخسره، فيريد أن يحول مسرح أيامه ولياليه إلى ساحة للتهاتر والتصادم، وبدون شك أنك ستواجه في البشر من هو على هذه الشاكلة، هنا لا تلمهم فقد اختاروا لأنفسهم هذا الطريق المظلم، وهم من يستحقون أن يسلكوه وحدهم، والقضية أنهم لا يعترفون بأخطائهم ويعتبرون أي نقد يوجه لهم ظلما وافتراء، لأنهم يرون ذواتهم تسكن سطوح الكمال، وأنهم بمنأى عن الزلل والخلل، تلك ذات جاهلة حقا، وقس عليها تلك الذات الجائرة في النقد والخصومة، الطريقة واحدة والأساليب مختلفة وهما في منزلة واحدة، ويضارع ذلك التراشق الكلامي الذي حدث بين وزير التعليم أحمد العيسى والكاتب قينان الغامدي عبر مقالين تجاوزا حدود اللباقة والنقد الهادف، إلى الانتصار للنفس والبعد عن سبل الحلول، وتقويم الخطأ.

فهل يجوز لنا أن نقول قد استطاع الكاتب قينان جر وزير التعليم إلى بؤرة التشاحن، وبذلك ابتعدا عن نقطة التلاقي، وتقارب وجهات النظر، أم إن قرارات الوزير وطريقته المتبعة، وحرص الكاتب على تعليم وطنه، هي من حرضته على مداواة العلة بلسعة نار، وهي أول الطب عنده، بعد أن كانت آخره!

منعطف أخير..

لا نعجب عندما نرى ذلك الناقد الذي ينطلق من منطلق الحقد والحسد، وذلكم المعجب بنفسه على ما فيها من أخطاء وعلل، والمكابرة عليها، والاستماتة في الدفاع دونها، بقدر عجبنا من أولئك الذين نتوسم فيهم الأخلاق العالية والفكر الرفيع والأدب الجم، كيف ينساقون وراءهم، وكيف يسلكون معهم الطرق الملتوية.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال