عبدالغني القش

وزارة البلدية.. إغلاق الحدائق بلا بدائل!

الجمعة - 06 أكتوبر 2017

Fri - 06 Oct 2017

عجيب ما يجري وغريب ما يحدث، إغلاق للحدائق العامة التي تم تأجيرها كنوع من الاستثمار، هكذا وبكل بساطة، وعند السؤال عن السبب فوجئ الجميع بأن تعميما صدر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية يقضي بإيقاف تأجير الحدائق العامة وإبقائها لما خصصت له متنفسا عاما للمواطنين والمقيمين مع فتح الحدائق العامة أمام الجميع بالمجان، وإلغاء رسوم الدخول التي يتقاضاها المستثمرون من المواطنين، وذلك تماشيا مع الهدف الذي أقيمت الحدائق لأجله.

هذه كانت بداية المأساة ونشأة المعاناة، وقد حدث هذا قبل ثلاث سنوات، تخيل عزيزي القارئ، وحتى يومنا هذا والحدائق مغلقة، والأسر تعاني، والوزارة تقف موقف المشاهد وكأن الأمر لا يعنيها، وباتت ملاهي الأسواق تحتكر الترفيه برسوم مرتفعة وأماكن مزدحمة مع بالغ الأسف!

إن توفير عناصر الجذب السياحي لأي مدينة أو محافظة أو مركز والرقي بالخدمات العامة المقدمة يفترض أن يكون هدفا مشتركا بين وزارة البلدية وهيئة السياحة، وذلك بالعمل على تأهيل وتطوير العديد من المواقع والمتنزهات القابلة للتطوير السياحي.

كم يؤلم المرء تحول المدن الترفيهية إلى مساحات أرضية قاحلة بعد أن تحول اخضرار المسطحات والأشجار والنخيل إلى اللون الأصفر وتحولت إلى أكوام من النفايات وزجاج مكسر ومغلقة بالسلاسل.

وبحسب بعض القائمين على تلك المتنزهات والملاهي فإن أعدادا كبيرة من الموظفين والموظفات الذين كانوا يعملون فيها أصبحوا الآن عاطلين عن العمل، بالإضافة إلى تضرر عدد من المستأجرين للمحلات المنتشرة في تلك الحدائق.

وليست محاباة للزملاء العاملين في بلاط صاحبة الجلالة فقد كتبوا وأجروا التحقيقات ونشروا التقارير، وأبدى فيها المواطنون استياءهم من سياسة الوزارة ممثلة بأمانات المناطق والمحافظات التي تغلق المواقع بصورة سريعة دون اتخاذ خطط بديلة تحقق المصالح المشتركة بين الجميع، حتى أصبحت المدن خالية من المدن الترفيهية التي يطمح لها السكان والسائحون. والعجيب أن الإغلاق شمل حدائق كثيرة خلال فترات متقاربة دون إنشاء حدائق بديلة أو إعادة تأهيل تلك الحدائق والمتنزهات التي فسخ عقد تأجيرها، ليبقى المواطن هو الحلقة الأضعف دوما يتجرع المرارة ويحتسي الحسرات.

مؤسف جدا أن تتحول المدن والمحافظات إلى مجرد كتل إسمنتية تقل فيها المسطحات الخضراء والحدائق التي يجد المواطنون فرصة للتنزه فيها، في ظل المطالبة بملاه ذات مواصفات عالمية، إضافة إلى أن بعض الأمانات تغلق الملاهي فيضطر المواطن إلى السفر إلى مدن أخرى لم تقم بالإغلاق للبحث عن الترفيه، واستجابة لرغبة الأبناء في قضاء بعض الوقت في الحدائق والملاهي رغبة في القضاء على الروتين واستنشاق الهواء العليل في أجواء تعبق بالخضرة وتتوافر على ملاه حديثة، وهو ما يستدعي التساؤل: هل النظام للجميع أم لأناس دون غيرهم، فتطبقه جهات دون جهات؟!.

والمشهد الأكثر تأثيرا هو مشهد الأصفاد التي أغلقت بها الحدائق، والأكثر إيلاما هو بكاء الأطفال وقد حبسوا في منازلهم بعد أن أغلقت أبواب المدن الترفيهية أمامهم منذ سنوات.

وإذا ما أخذنا المدينة المنورة على سبيل المثال، فإن المشهد يبدو محزنا للغاية؛ فقد تم إغلاق الحدائق بلا بدائل، مع أن هذه المدينة ليست كغيرها؛ إذ يفد إليها ملايين الزوار على مدى العام، ومن الأسف أن يحرموا مع مواطني المدينة والمقيمين فيها من متنزهات وحدائق تتوفر فيها ملاه عالمية، مما اضطرهم والأهالي للذهاب إلى ما بقي من حدائق أقل ما يمكن القول في وصفها إنها لا تحقق الطموحات ولا تفي بالنزر اليسير من التطلعات، وبقيت تلك الملاهي والمتنزهات مغلقة منذ ثلاث سنوات، في ظل صمت مطبق وعدم تحرك من الجهات المسؤولة وعلى رأسها أمانة المنطقة، فهل نطمع في تحرك عاجل، لا رد روتيني قاتل!