علي الغامدي

ما سر شعورنا بالراحة عند اقترابنا من الطبيعة؟

الخميس - 05 أكتوبر 2017

Thu - 05 Oct 2017

للطبيعة تأثير ساحر على أجسادنا، سواء كنا نسير في غابة، أو أمام أمواج البحر، أو وسط الجبال وكثبان الرمال، فإن أصوات المياه الجارية، ونسمات الهواء المنعشة التي تحمل روائح الأشجار والماء المختلط بالتراب تضبط إيقاعات القلب عندما نشعر ببرودتها داخل صدورنا. وإذا ارتاح القلب ارتاح الجسد، وقد قال الطبيب الألماني الشهير باراسيلسوس «إن الشفاء يبدأ من الطبيعة وليس من الطبيب»، قد تبدو هذه الجملة عفوية، لكنه في الحقيقة كان يدرك تأثير الطبيعة على أجسادنا بشكل جيد، فهو يعلم أن الانغماس فيها يقوم بتنظيف العوالق الموجودة في العقل بسبب كثرة التفكير.

يحدث هذا لأن أجسادنا مبرمجة جينيا على الشعور بالارتياح عند تواجدنا وسط الطبيعة، حيث تتناسق وظائف أعضائها بمجرد الابتعاد عن صخب هذه المدن. وقد أكد ذلك فريق بحث هولندي عام 2015، حيث لاحظ أن الذين يعيشون في محيط نصف ميل فقط من الطبيعة الخضراء تقل لديهم نسبة حدوث 15 مرضا شائعا كالسكر وأمراض القلب والشرايين والتوتر والقلق والاكتئاب والربو والصداع النصفي وكثير من الأمراض النفسية والعضوية الأخرى.

وقد أثار هذا الموضوع فضول عالم النفس الأمريكي (ديفيد ستراير)، حيث أجرى العديد من التجارب المعتمدة على قياسات مستوى هرمون التوتر وضربات القلب وموجات الدماغ عندما ننتقل إلى العيش في الطبيعة، وقد افترض أننا عندما نقضي وقتا أطول في الطبيعة الخضراء يحدث شيء ما في الدماغ ومن ثم الجسد. وأكدت نتائج تجاربه وجود تحسن في أداء أدمغة متطوعين في حل المسائل الرياضية بعد أن قضوا ثلاثة أيام فقط وسط الغابات بنسبة تصل إلى 50%.

ومن المعلوم أن الإنسان عاش جميع مراحل تطوره وسط أحضان الطبيعة ليقرر مؤخرا هجرها والانتقال إلى المدن الكبرى بعد أن كشفت عصور النهضة الصناعية الحديثة عن ساقها لتغري البشر للاقتراب منها. ويبدو أن الطبيعة عاقبته على هذا الهجران، فرغم أن المدن المتطورة توفر له وسائل السرعة والراحة إلا أنها لم تعوضه عن الراحة النفسية التي منحته إياها الطبيعة، حيث وجد نفسه عالقا وسط غابات من الخرسانة الاسمنتية التي تكون المباني الضخمة، ومولدات الطاقة العملاقة، وأبراج الاتصالات الشاهقة. كل هذه العوامل مجتمعة أسهمت في خلق ظروف تدعو أجسادنا للاضطراب بيولوجيا بالإضافة إلى القلق والتوتر التي يخلفها نمط الحياة السريع والدقيق الذي لا يحتمل التأخير من انتظار القطار إلى إقلاع الطائرة إلى ترقب نتائج التقديم على وظيفة.

1 أجسادنا مبرمجة جينيا على الشعور بالارتياح عند تواجدنا وسط الطبيعة

2 الإنسان عاش جميع مراحل تطوره وسط أحضان الطبيعة

3 تقل نسبة حدوث 15 مرضا شائعا إذا عشنا بالقرب من الطبيعة

4 في الطبيعة يتحسن أداء الدماغ بنسبة كبيرة

5 عند الانتقال إلى المدن تبدأ أجسادنا بالاضطراب

@AliGhamdi2