عبدالله المزهر

داء النشاط الزائد!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 01 أكتوبر 2017

Sun - 01 Oct 2017

من المتفهم والطبيعي أن يكون الإنسان حريصا على اختيار من سيزوجه ابنته، وأن يرفض من يشاء ويوافق على من يشاء، فهذا أمر أيضا يمكن تفهمه. لكن أن تكون مشغولا بتطليق زوجين متفاهمين متفقين كاملين عاقلين راشدين مواطنين كاملي الأهلية فهذه لقافة يجب أن يتصدى لها القانون إن كانت هناك رغبة حقيقية في أن يكون الناس جميعا تحت ظل الدولة والقانون.

لا أستوعب ـ لفرط جهلي ـ أن يترك إنسان عاقل بالغ راشد كل مشاغله وأمور حياته ويشد الرحال إلى مكان آخر لكي يطالب مع آخرين بتطليق رجل لا يعرفه من زوجة لا يعرفها. أظن أن هذه أعلى مراتب الفراغ واللقافة التي توصل إليها الإنسان منذ وطئت قدماه كوكب الأرض. وأن الطفرة الجينية التي حدثت لهذه النوعية من الكائنات البشرية كانت فقط في جين اللقافة. مما أدى إلى حالة من الاعتقاد المرضي أن الشخص الحامل لهذا الجين مسؤول عن عباد الله يختار من يتزوج ومن يطلق حسب الكروموسومات التي يرضى عنها وتلك التي يسخط عليها.

ولأن لكل شيء مهما بدا غبيا جانبا مضيئا، فإني أعتقد أنه لا بد من الاستفادة من هذا «النشاط» الزائد الذي يدب في أوصال هؤلاء الملاقيف وتسخيره لخدمة الناس. الإنسان الذي يتفرغ لمهمة تطليق زوجين لا يعرفهما لا شك أنه يمكن بقليل من التوجيه وتغيير الإعدادات أن يتفرغ لأمر مهم يفيد البشرية والناس والحياة.

البعض تحدث بعد انتشار مثل هذه الأخبار عن «صورة المملكة» في الخارج، وكيف أن مثل هذه الأخبار تسيء لها وتهدم كثيرا من الجهد المبذول لنقل صورة مشرقة عن السعودية. وأنا لا أتفق كثيرا مع مثل هذه الآراء، لأني مؤمن أن المهم هو تحسين صورتنا أمام أنفسنا، ثم إن العالم سيعلم ذلك.

وكثير من الإصلاحات والتغييرات والتحديثات يجب أن تحدث لأنها ضرورة، ولأننا نحتاجها، وليس لأن صورتنا لا تبدو جيدة لدى الآخرين.

بكل تأكيد أن السمعة الحسنة خير وأبقى من السمعة السيئة، وأن الصورة الجميلة أقرب للقلوب من الصور المشوهة، لكني أتكلم عن الدوافع التي تجعلنا نبحث عن صورة أجمل، يجب أن تكون نابعة من إيماننا الخاص بالجمال نفسه، وليست نابعة من إيمان الآخرين ونظرتهم للجمال.

وعلى أي حال..

أنا متفائل بأن الغد سيكون أفضل، ومؤمن أن قليلا من الألم يمكن تقبله في سبيل صحة أفضل، وأننا سنحب طعم الدواء المر حين نشعر بالعافية تدب في أوصالنا.

@agrni