إسماعيل محمد التركستاني

هل هناك أخطاء طبية؟

السبت - 30 سبتمبر 2017

Sat - 30 Sep 2017

بوصلة التصحيح في العمل الصحي تنطلق أساسا من سؤال يطرح بطريقة صحيحة، وفي وقت مناسب، وعلى مجموعة يكون تفاعلها مع صيغة السؤال والرد عليه مهنيا، أو ما يسمى بطريقة احترافية، قبل أن يكون مجرد رد لا قيمة له حاضرا أو مستقبلا (وذلك كما سمعته مرارا وتكرارا من خلال عملي مع الكثير من اللجان الصحية في خلال سنوات عملي السابقة)، إن إعطاء قيمة احترافية ومهنية للسؤال قد يكون (إن لم يكن) هاما وأساسا للوصول إلى قيمة فعالة للجواب والرد على السؤال المطروح. كيف؟ لم يكن إعطائي هذا العنوان للمقال المطروح بين أيديكم جزافا، ولكنه أتى وهو يحمل العديد من المفاهيم المضمونة في العمل الصحي، وخاصة لمن هم على اطلاع حقيقي ببواطن الأمور (وليست قشورها.. للأسف!) في مجال سلامة المرضى بمختلف المنشآت الصحية ومختلف أحجامها. نعم، المصطلح المكون من كلمتين والمتمثل في (سلامة المرضى) يعتبر أساسا تنهض عليه الكثير من مفاهيم ومعايير جودة الخدمات الصحية المقدمة لمن هم بحاجتها سواء مرضى أو عاملين بالقطاع الصحي، وخاصة في وقتنا الحاضر، وذلك حسب المتعارف عليه في قواعد العمل الصحي في الكثير من الدول المتقدمة في مختلف برامجها للرعاية الصحية أو التي تسعى للنهوض بخدماتها الصحية من ماض كان فيه الطبيب يعتبر العلامة البارزة في المنشأة الصحية مع إهمال واضح للخدمات الأخرى ومقدميها. حيث إن الصورة الحالية والمستقبلية للرعاية الصحية، تشير إلى أهمية فريق العمل وروح الفريق في تقديم رعاية صحية مميزة دون التركيز على فئة خدمية دون أخرى.

الكثير من الشركات العاملة في تطوير الرعاية الصحية وخاصة العالمية منها (حقون بلاد بره) أو التي تتبنى (تنسخ) رؤيتها الكثير من الشركات المحلية (المقلدة)، يكون صوتها الهادئ إن لم يكن جرسها الذي تهزه باستمرار هي الرؤية التي تقول فيها: إن نظامها المطروح (للبيع) يهدف في المقام الأول إلى التقليل من تلك الأخطاء الطبية التي تعصف بجميع الخدمات الصحية وتهز أركانها هزا عنيفا قد يؤدي إلى فقدان ثقة المرضى والعاملين في مستوى الخدمات الصحية المقدمة، وبناء عليه، فإنها تسعى عن طريق فريقها العملي (الفريق المحلي والمكون من مجموعة تهز رأسها يمنة ويسرة فقط) إلى النهوض بتلك الخدمات ويكون المقابل المادي ضخما لتفعيل ذلك النظام بالمنشأة الصحية. ولكنه وللأسف تكون نتائج التطبيق (بعد فترة زمنية قصيرة) غير متوافقة مع ما قيل في الاجتماعات التي عقدت في أجمل وأرقى الفنادق العالمية! لماذا؟

باختصار.. إدراك القيادة الصحية (بمختلف طبقاتها مخملية كانت أو ما دونها) لواقع مختلف وطبيعة المنشآت الصحية من أعمال خدمية (فنية كانت أو إدارية) أو مستوى مهني لمختلف الفئات العاملة في تقديم تلك الرعاية الصحية، إلى جانب الركن الأساسي والمتمثل في صوت المريض والذي هو الهدف الأساسي لجميع الخدمات الصحية، يكون هو التقييم الحقيقي الذي من خلال نتائجه والمستوحاة من العوامل المطبقة لمختلف مؤشرات تقييم الأداء (KPIs) والذي نستطيع من خلاله إعطاء الجواب الإيجابي لمثل تلك الأسئلة المطروحة. نعم، إن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة في الوقت الحاضر هو: هل يمكن للاستثمار في القطاع الصحي النهوض بمستوى الخدمات والرعاية في القطاع الصحي المحلي؟ جوابي سيكون بإذن الله في المقالات القادمة.