آلاء لبني

الاستثمار البيئي

الخميس - 21 سبتمبر 2017

Thu - 21 Sep 2017

نواجه بالمملكة العديد من تحديات الاستدامة في مثلث التنمية المتعلق بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

الوعي بالمخاطر والعقبات يصنع الخطط المتكاملة التي تراعي مثلث التنمية، الاستدامة ليست ترفا وليست إحدى الصيحات العالمية، بل هي ضرورة ملحة. سأضرب مثالا للتوضيح كتقييم زراعة النخيل من كافة الجوانب اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا، بلغ عدد أشجار النخيل أكثر من 28 مليونا، رقم مهول جدا، لن نستعرض متى وكيف بدأ التوسع فتلك قصة أخرى، ولكن نعرف أن إنتاج التمر يحاكي احتياجا عالميا لهذه الثمرة الطيبة.

المصيبة أن الهدر والإتلاف مصير أطنان من التمور، وانخفاض الأسعار يكبد خسائر فادحة! لماذا ننتج هذا الكم؟ ونحن لا نستطيع تسويقه للأسواق العالمية، وعدم الالتزام بمعايير الجودة! وبقايا المبيدات التي تم كشفها في بعض أسواق التمور خير مثال! طبعا لا أتحدث هنا عن شركات زراعية بل نتحدث عما يضيع تلفا أو يذهب كهبات.

إن توفير احتياجنا من التمور ذاك أمر ضروري للأمن الغذائي، ولكن هدر التمور والمياه وتدني الأسعار لكثرة المعروض وقلة الطلب وضياع الأموال في ارتفاع مدخلات الإنتاجي الزراعي من أسمدة ومبيدات ومحروقات وعمالة غالية الثمن لقلتهم...إلخ، بهذا النهج والإسراف وتغييب الاستثمار البيئي نحن نسير باتجاه معاكس للاستدامة.

أين مثلث الاستدامة؟

ما القيمة الاقتصادية من زراعة النخيل؟ ونحن لا نحقق قيمة اقتصادية مضافة حقيقية فالمستفيدون محدودون كالسماسرة، ماذا عن استدامة توفر العائد الجيد للمزارعين الذي يكفل سداد الالتزامات التي عليهم كالقروض، ليس المقصود بتاتا وقف زراعة النخيل، ولكن التحديات البيئية الاقتصادية الاجتماعية في هذا الموضوع ضخمة.

ماذا عن المياه وتوفير مصادر للري متجددة؟ لماذا لم يتم توجيه هذا الاقتصاد بشكل متكامل، لم لم نخط خطوات قوية في الصناعات التحويلية: صناعة الأعلاف، السلال، الحبال، صناعة الورق، صناعة زيت النخيل، صناعة الأسمدة؟، كم يبلغ حجم المخلفات السنوية من 28 مليون نخلة؟ كم من الأطنان الضائعة من المخلفات يمكن الاستفادة منها كأعلاف حيوانية عالية الجودة، الصناعات الغذائية: مادة تحلية في العديد من المنتجات والدبس والخل..إلخ.

دعم الاستثمار في مجال الصناعات التحويلية هو أحد أوجه الاستفادة ورفع قيمة المنتج هو ما جعل الشوكولاته السويسرية ثروة اقتصادية، وجعل من ساحل العاج دولة مصدرة للكاكاو. امتلاك المعرفة الزراعية والمقدرة الصناعية هو الذي يحقق المنفعة.

نتمنى أن تدرس المعوقات التي تواجه قطاع الصناعات القائمة على منتجات النخيل.

يجب أن يكون المناخ الاستثماري في المجال الزراعي أكثر وضوحا حتى يحفز القطاع الخاص في الاستثمار وليس في جعله متخوفا ومترقبا لقرارات وزارة العمل ووزارة الصناعة والسياسات الزراعية التي تعاني من عدم الثبات لغياب إصدار نظام شامل للمياه واستراتيجية زراعية متكاملة تلتزم بالميزة النسبية للمناطق وتحديد نظام الحصص الزراعية.

لأولى الألباب في فرنسا قبل أيام قدم وزير البيئة خطة نظام جديد لاستخدام الموارد المائية وتخزينها في فصل الشتاء، بعد أن اتخذت إجراءات للحد من استخدامات المياه في عدد من الأقاليم كعدم غسل السيارات، وعدم تجديد المسابح...إلخ، في ذات الوقت انتقدت المنظمات الأهلية الخطة الجديدة لأنها تنطلق من مبدأ أن الماء متوافر، ويفترض الانطلاق من مبدأ أن المياه مورد نادر! أثر التغير المناخي.

أيهما أكثر ندرة المياه في البلاد الصحراوية.. أم في فرنسا!

Alalabani_1@