ماذا بعد الحج؟

يستطيع المتخصص أن يقول بتجرد: حج هذا العام 1438، هو أفضل حج مر على المملكة من الناحية التسويقية لكثافة بند العلاقات العامة الذي تم فيه بقيادة وزارة الثقافة والإعلام. أتمنى أن تفتح الوزارة أبوابها للمختصين لنقد الجهود وتقويمها من أجل التطوير للعام القادم.

واحدة من الصور الجميلة التي لاحظناها أن وزارات مختلفة شاركت وزارة الإعلام حملتها الضخمة. والذي يعمل في قطاع الحكومة يعلم صعوبة التنسيق مع جهة حكومية واحدة، فكيف بغالب الجهات الحكومية، وهذا يعني أن الوزارة بذلت جهودا مكثفة بشكل مسبق للتنسيق مع كل جهة وأنشأت خطا ساخنا وفريق عمل لإدارة هذه الملحمة الوطنية.

واحدة من أكبر نقاط الضعف أن الغالبية الساحقة من تلك الجهود كانت موجهة للداخل، وقد ذكرت في مقال سابق أن المواطن أو المقيم في السعودية يرى بنفسه الجهود المذهلة والاستثنائية التي تقوم بها الجهات ذات العلاقة، ولكن حتى تؤتي حملة #السعودية_ترحب_بالعالم ثمارها، نرجو أن ينصب 70% من تلك الجهود الاتصالية إلى مخاطبة العالم. صحيح الحملة أطلقت بأكثر من لغة، لكن السؤال الصعب: ما الجهود التي بذلت لنشر تلك المعلومات بلغات أهلها؟ وهذه تحتاج مختصين لتحديد الشرائح المخاطبة، ثم تعيين قنوات تسويقية اتصالية لإيصال تلك المعلومات للفئة المرادة.

كمتخصص في التسويق أدرك تماما صعوبة الخطوة التي أتحدث عنها، إيصال تغريدة باللغة الإندونيسية ليشاهدها 300 مليون إندونيسي. ولكن لو استخدمت وزارة الثقافة والإعلام عوامل القوة لديها فهذا ممكن ووارد جدا. هناك وسائل كثيرة من أيسرها استضافة المسلمين المؤثرين حول العالم لحج السنة القادمة والبدء في التنسيق من الآن! كيف تعرف وتحصر المشاهير المسلمين في البرازيل؟ خطوة صعبة بلا شك لكنها غير مستحيلة، وهنا يأتي دور سفاراتنا بالخارج وملحقياتنا الثقافية. لو تمت بتفاصيل مدروسة وبرنامج دقيق لكل مشهور، فسيحدث ضجة حول العالم، وسيصل صوت السعودية فعلا للجمهور الذي تريد. مع تراكم السنوات تتبلور لديك قاعدة بيانات من المؤثرين حول العالم سفراء لك لأنهم رأوا بأم أعينهم الجهود المذهلة التي تبذلها المملكة، وتحولوا إلى مدافعين عنك وعن قضاياك، وهذا ما تحتاجه المملكة خاصة في هذا الوقت الراهن الممتلئ تحديات سياسية وصراعات ثقافية وقتالا على امتلاك قصبة التأثير حول العالم. الكثير لا يعلم أن مشاهير السعودية تستضيفهم دول العالم مجانا للتسويق لأفكارها ومشاريعها. أليس الحج أولى بذلك؟

الوزير الحالي أحدث نقلة جميلة داخل وزارة كنا نظن أنها ميتة في يوم من الأيام، نتطلع أن تتطور الجهود، وأن تستمر، لأن جذوة العمل للمتابع تبدو هدأت بعد الحج، ولكن العالم ما زال يغلي، وما زال يحمل الكثير من الأخبار المغلوطة عن المملكة.. عن دينها.. عن قيادتها.. عن شعبها.. عن أشياء كثيرة.

mhathuta@