عبدالله المزهر

الرئيس الفكرة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 18 سبتمبر 2017

Mon - 18 Sep 2017

هذا العالم لم يعد مكانا ملائما للحياة، ولكن المشكلة أنه لا يوجد خيار آخر، ولذلك فإن الهروب ليس هو الحل، ومحاولة تغيير الواقع مجرد عبث لا طائل من ورائه. الحل هو التعايش والتكيف مع الواقع، وهذا ما يفعله الإنسان منذ أن تواجد على ظهر هذا الكوكب، وهو حل يعيبه أمران فقط، الأول أنه غير مثالي، والثاني أنه لا يوجد حل آخر سواه.

السواد الأعظم من المخلوقات البشرية لا «تعيش»، هي موجودة فقط تنتظر ساعة الخلاص، وتتوهم الحياة. السعداء في هذا الكوكب أكثر عرضة للانقراض من دببة الباندا التي تبدو كائنات سعيدة هي الأخرى، وهذا أمر يعزز الشك بأن السعادة من أسباب الانقراض.

أحد الذين فهموا هذه المعادلة هو الرئيس الكوري الشمالي الذي يبدو سعيدا جدا في كل الصور التي يظهر فيها وهو يهدد البشرية بالفناء. هو فقط يريد أن ينهي الأمر ويخلص البشر من عبء الحياة لأنه يؤمن ـ فيما يبدو ـ أن سعادة الكائن البشري لن تتحقق إلا حين يكف عن الوجود.

ومع كمية الرعب الحقيقية التي تحملها أخبار كوريا الشمالية إلا أن الغريب أنها دائما تبدو وكأنها أخبار ساخرة تثير الضحك أكثر مما تثير الرعب.

ومع أن الحياة بائسة والذين يعانون من بشاعة الموت هم الأحياء فقط، أما الأموات فإن الموت لا يختلف بالنسبة لهم سواء كان في انفجار نووي أو بسبب الوقوع في الحمام أو بسبب خطأ طبي. إلا أنني أخاف من الحياة التي تنتهي بانفجار نووي أكثر من خوفي من الموت نفسه. ولذلك أحاول تجاهل الأخبار التي تأتي من كوريا الشمالية، ولكن المشكلة أن الرئيس الكوري ليس مجرد رئيس دولة يمكن تجاهل أخباره بإغلاق القنوات الإخبارية، هو فكرة قد تكون على هيئة رئيس دولة، أو على هيئة حبيب أو صديق أو حتى عادة سيئة. وما هو أسوأ من ذلك كله أن في داخل كل منا رئيسا كوريا شماليا، يتحين الفرصة ليظهر ويعيث خرابا في كل شيء.

وعلى أي حال..

الكراهية والحقد والحسد والخوف من المستقبل واليأس من الحاضر وكل المشاعر السلبية التي لا طريقة للفكاك منها ليست سوى «رؤساء كوريين شماليين صغار» يعيشون بداخلنا ويهددوننا بين الفينة والأخرى بالخراب والدمار. وإن لم تشاهد من قبل كيف تبدو هذه المشاعر لأنه ليس لها صور يمكن تداولها، فيكفي أن تتخيل أنها تشبه كيم حين يبتسم في سعادة غامرة وهو يعبث بأسلحته المدمرة.

@agrni