كارثة تحملها في حقيبتك كل يوم

السبت - 16 سبتمبر 2017

Sat - 16 Sep 2017

دائما ما أرى أن الاعتياد أقوى شعور أعطي للإنسان، يمكنك أن تستمر مع شخص تكرهه أكثر من شخص تحبه لأنك «معتاد عليه»، أنت قادر على النهوض يوميا تحت وطأة مؤقت في نفس الوقت والدقيقة، ولبس نفس الرداء لأنك «تعودت».

كنت تشعر بصعوبة أول أيام العمل كحزمة التزامات ثقيلة وحارة جدا، لأن شعور الاعتياد لم يطوقك حتى ذلك الوقت، الاعتياد قادر على إمداد حضارة ما فوق القوانين والأديان ووسمها بأبهى صور التمسك والثبات واستمرارها حتى أجيال كثيرة لأنها «عادات وتقاليد».

العادة قادرة على أن تسلخ أفعالا مستنكرة لأفعال عادية، لأنها مكررة، رب 20 زيجة من بين مئة فاشلة، ناجحة بسبب الاعتياد، أستطيع أن أعيش بجانبك في نفس الحي والبيت وتحت سقف واحد وبجانبك في نفس السرير.

مع عاداتك السيئة وأفكارك النتنة التي تحملها داخل جسدك، كل يوم لمدة 30 عاما، الاعتياد قادر على تجاوز كل هذا بشكل تلقائي لأنه محض تكرار، تستطيع وضعه أيضا كحجة لـ»بكت» دخان تحمله كل يوم محاطا بإعلام مؤكد لتسببه فورا في الموت، دون أن تتذبذب إشارة عصبية واحدة في عقلك تخبرك أن تتوقف، العالم وعيناك الجاحظتان اعتادت تلك اللوافت. الاعتياد يستطيع خفض صخب كل الأشياء الممتعة لديك، ربما انتحر 100 ألف شخص حول العالم بسبب اعتيادهم على الحياة أكثر مما يجب، الاعتياد يستطيع أن يميت بريق الدهشة الذي أحسسته في مهدك الصغير لماهية النور والصوت، وما هي الآن إلا أشياء ربما تأخذ بعض الوقت لمحاولة استيعاب إن كان قد راودك شعور الدهشة لتلك الأشياء أصلا من شدة الاعتياد؟

الاعتياد دوما ما كان هاجسي بارتباطه حولنا أكثر مما نتخيل، متسائلة يوما ما «أرتاح عند استيعاب أن العالم غير قابل للحصر، وبذلك لن أفقد دهشتي، لكن يصيبني الخوف عندما أفكر أني اقتنعت كونه دائما مدهشا لدرجة معهودة لم تعد تدهشني».