التزوير الالكتروني

الاحد - 10 سبتمبر 2017

Sun - 10 Sep 2017

استخدام الحاسب الآلي من الدعامات الأساسية في عمل الجهات التي تعمل الكترونيا، والأعمال الالكترونية أسهمت في تنفيذ وتطوير الأعمال والخدمات. ولكن، من الناحية الأخرى، فهناك بعض الجوانب السلبية التي تحول دون تحقيق التقدم المنشود، ومن السلبيات من يقومون بارتكاب الجرائم لتحقيق مآربهم الخاصة. ومن الجرائم التي تؤثر سلبا على العمل الالكتروني نجد جريمة التزوير الالكتروني.

يعرف القانون الجنائي التزوير بأنه «تغيير الحقيقة في محرر»، وتغيير الحقيقة يقع في محرر رسمي أو عرفي، وأيضا التزوير قد يحصل عند تغيير الحقيقة في «المحررات الالكترونية» المستخدمة في نطاق المعلوماتية، وفي هذه الحالة تعرف الجريمة بأنها «جريمة التزوير الالكتروني». ونبين أن أداة الجريمة الالكترونية تنصب أساسا على مخرجات الحاسب الآلي، أي البيانات والمعلومات التي تخرج من الحاسب الآلي شريطة أن يتم طباعتها على دعامة مادية مكتوبة، كورقة، أو يتم تسجيلها كقرص مرن أو قرص مدمج. بمعني آخر، لا بد أن يكون لها كيان مادي يمكن إدراكه، ولكن إذا تم تغيير الحقيقة على البيانات والمعلومات المحفوظة في ذاكرة الحاسب دون طباعتها فإن هذا لا يعتبر تزويرا.

وفقا لمبادئ الفقه الجنائي فإن التزوير الالكتروني هو «تغيير الحقيقة في المستندات المعالجة آليا وكل المستندات الالكترونية بنية استعمالها»، لتحقيق فعل إجرامي وبقصد إجرامي. إضافة لهذا يعرف التزوير الالكتروني أيضا بأنه «تغيير الحقيقة بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك في محرر أو دعامة طالما أن هذه الدعامة ذات أثر في إنشاء حق أو لها شأن في إحداث نتيجة معينة».

من هذا التعريف يتضح أن التزوير الالكتروني يعني «تغيير الحقيقة في البيانات أو المعلومات المعالجة عن طريق الحاسب الآلي، والتي أصبح لها كيان مادي ملموس يقابل أصل المحرر المكتوب»، ووفقا لهذا التعريف فلا بد أن يتم ارتكاب جريمة التزوير الالكتروني على بيانات أو معلومات معالجة عن طريق الحاسب الآلي. من ناحية أخرى، يجب أن تدون هذه البيانات والمعلومات على كيان مادي ملموس قد يكون على ورقة مطبوعة من طابعة الحاسب الآلي، أو تنسخ على شريط ممغنط أو قرص مدمج، وفي هذه الحالات يمكن القول باكتمال جريمة التزوير الالكتروني.

هذا التزوير بالطبع يقع من قبل من قام بتزويد الحاسب الآلي بالبيانات والمعلومات المزورة «الكاذبة» أو قام بالتعديل فيها، وذلك عن طريق الحذف أو التغيير أو الإضافة داخل الحاسب الآلي ثم قام بنسخ هذه البيانات مرة أخرى متضمنة التزوير الذي حدث.

وليتم معاقبة من يقوم بارتكاب هذه الجرائم وللحد من انتشارها، نقول إنه يجب عدم التفرقة بين الأفعال، ولا بد من معاقبة من يقوم بتبديل أو تغيير المعلومات أو الأوامر المخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي أو المدخلة في البرنامج، وأيضا معاقبة من يقوم بتثبيت طباعة أو وضع هذه المعلومات «الكاذبة» في الأوراق والمستندات التي تصدر من النظام الآلي والتي ينطبق عليها وصف المحرر وهي تتمتع بحماية القانون من التغيير الكاذب أو ما يقع تحت التزوير لأن هذه المحررات معدة للتداول بين الأفراد وبما يترتب عليه معنى معين لهم أو فائدة معينة لهم.

لاكتمال جريمة التزوير لا بد أن يتم «تغيير الحقيقة « بسوء نية وقصد جنائي، وعليه لا بد من وضع تعريف واضح للجريمة ولا بد من تحديد العقوبات التي يتم تطبيقها في مواجهة مرتكب الجريمة، وذلك حماية للعمل الالكتروني الذي ينطلق عبر الأثير وفوق كل الآفاق متجاوزا كل الحدود وبما يحقق استفادة الجميع دون تفرقة بين الجنس واللون والعمر والطبقة، ودون اعتبار للزمان أو المكان.

إن التزوير التقليدي الذي يتم باليد على المحررات يسهل اكتشافه عند الاطلاع على المستند وذلك لوجود آثار الطمس أو التعديل، ولكن هذا قد لا يتوفر في التزوير الالكتروني لأن الآثار التي تتم الكترونيا يصعب اكتشافها عند الاطلاع على المستند الذي تم تزويره الكترونيا لأنه يبدو سالما سليما للعيان. لذا فإن إثبات التزوير الالكتروني يحتاج إلى تقنية فنية عالية وإلى أشخاص بمواصفات فنية معينة للكشف عن التزوير وإثباته. ولا بد من إصدار التشريعات التي تتضمن تحديد وتعريف ومعاقبة من يرتكب جريمة التزوير الالكتروني، لأنها جريمة خبيثة تشبه السرطان الذي ينخر في الجسم بهدوء، وبدون ترك آثار، وعندما يتم الاكتشاف يكون الأجل قد أزف.