حنان المرحبي

أصغ إلى المجتمع!

الجمعة - 08 سبتمبر 2017

Fri - 08 Sep 2017

ناقشت في الأسبوع الماضي تحديين يواجهان المشاريع التي تتخذ خطواتها نحو الأسواق العالمية. وذكرت أن هذه الأسواق مشدودة بين مزايا المعارف المتقدمة في التقنيات والتي تعد السبيل للشركات الأجنبية لدخولها والتمركز بقوة أمام المنافسين المحليين وبين مزايا المعرفة المعقدة بالأذواق المحلية وتطورها المتسارع، والتي بالعادة تكون في قبضة الشركات المحلية لقربها من ثقافة المستهلك المحلي.

ورغم تفوق الشركات المحلية في تقصي الأذواق الجماهيرية ومتابعة تحولاتها إلا أن هذه الميزة ليست سهلة المنال، ويفشل الكثير في رسملتها. ومن الممكن أن تكون قد مررت بنماذج لمشاريع حاولت أن تربط علاماتها التجارية بالجودة والتميز في أذهان الناس، ثم تبين لاحقا أنها انعكست على ردود فعلهم بشكل مختلف عما كانت تريده. على سبيل المثال، كأن تبذل شركة للأغذية جهودا بحثية وتسويقية لترسيخ صورتها كأفضل علامة لمنتجات الأغذية الصحية بالسوق. ولكن تفاجأ لاحقا بأن حديث الناس حول منتجاتها يأخذ مناحي أخرى مختلفة تماما عن الصورة التي بذلت الجهود لترسيخها في أذهانهم.

تعد الشبكات الاجتماعية وعاء معلوماتيا ضخما ومتجددا للإصغاء إلى المجتمع وما يقال فيه عن المنتجات والعلامات وعن القيم الثقافية والاهتمامات والتطلعات الجماهيرية. في حقول التعليقات والهاشتاقات ومنصات المشاهير تجد الناس يسألون ويبحثون ويوصون ويصفون ويقارنون ويقيمون المنتجات والخدمات وأداءها، أيضا تجدهم يناقشون الأخبار والمعلومات والآراء وردود الفعل والسلوكيات المقبولة والمرفوضة، والقضايا الجدلية والوطنية والتطلعات والآمال، وكل جديد. هذه المعلومات ذات قيمة وأهمية لفهم الجو الثقافي والمزاج العام لأهل البلد وللتعرف على الاحتياجات القائمة والمشكلات القادمة (الفرص المقبلة) والسبق في الوصول إليها بمبادرات وعلامات تستجيب لتطلعات الناس وتحدث فرقا.

لم يكن الأمر كذلك في السابق، حينما كان التحكم في مصادر المعلومات والتأثير على الرأي العام في قبضة الكبار (القنوات التقليدية وكبريات الشركات). اليوم، كمدير أو صاحب أعمال أصبحت بحاجة إلى مراقبة ما قد يستجد حول اهتماماتك وأعمالك من مستويات عدة. كانت الصحف والقنوات تختصر لك الحكايا في جرعات قليلة كل صباح، اليوم عليك أن تضيف إليها الهاشتاقات وحقول التعليقات، ومنصات المشاهير، لتصل إلى ما يدور في أذهان الناس والمنافسين والقضايا المعلقة والمغلقة وتحدث معلوماتك بجديد التجارب والسوق والاقتصاد والتقنيات وغيرها،وذلك من المستوى الجماهيري (سواء المحلي أو الإقليمي أو العالمي). وهذا يجعلك أمام حجم هائل من المعلومات التي تتطلب إدارة معقدة، فهذه المعلومات ليست رقمية ليتم تسليمها لمحللي البيانات والتطبيقات الذكية ليحولوها إلى أرقام ورسوم بيانية مختصرة تعطيك قراءة واضحة تعزز من فرصك للابتكار وبناء الاستراتيجيات.

هذه المعلومات وصفية، لهذا لا يمكن تعيين معانيها من دون إخضاعها لإطار أو فهم جيد لثقافة وقيم البلد، وهنا يكمن سر تعقيدها. ستكون بحاجة إلى عقول بارعة في تحليل الإنسانيات وليس البيانات، ثم على ضوء الفهم الذي يتشكل من التحليل تستطيع تعيين المعاني لما يقال حول منتج أو خدمة أخفقت في الوصول للناس كما كان مخططا لها. فقد تتوصل إلى أن وعي الجمهور أو معاييره لم يصلا للمستوى الذي يمكنهم من تقييم المنتج بشكل عادل، فتقوم بإعداد المبادرات المتخصصة لسد تلك الفجوة.

المعرفة المعقدة بالناس والتطلعات قدرة نادرة ومخزون معرفي ثمين من الممكن أن تكشف لك فرصا تحدث فرقا نوعيا يصعب على الآخرين الوصول إليه ومنافستك عليها. أصغ إلى المجتمع!

hanan_almarhabi@

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال