عبدالله قاسم العنزي

الطبيعة القانونية للجمعيات الخيرية

الأربعاء - 06 سبتمبر 2017

Wed - 06 Sep 2017

في ظل التطورات والتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الدولي، التفتت الدول إلى فتح المجال أمام الجمعيات والمؤسسات الأهلية للمشاركة في التنمية الوطنية على نطاق أوسع، وإتاحة الفرصة لكافة مؤسسات المجتمع المدني نحو معالجة وتلبية احتياجات المجتمع، ولقد تغيرت النظرة إلى العمل الخيري، لاعتباره قطاعا فعالا يعتمد عليه في تطبيق مختلف السياسات لمواجهة المشكلات الاجتماعية بكافة صورها وأشكالها، على أساس أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية أكثر ديناميكية ومرونة من الجهات الحكومية في الوصول إلى الكثير من فئات المجتمع.

وتعد الجمعيات الأهلية ضمير المجتمع والمعبر عن آماله والساعي إلى حل مشكلاته، فقد خرجت الجمعيات الأهلية عن عباءتها التقليدية لتعلب دورا رئيسا في الكثير من المواقف، واهتمت الدولة بدعم القطاع غير الربحي وفتح المجال لكافة أنشطته، وسهلت إجراءاته من خلال نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/‏8) وتاريخ 19/‏2/‏1437هـ لتخرج الجمعيات الأهلية بثوب جديد للمجتمع كشريك استراتيجي للدولة في بناء المجتمع، ومن هذا المنطلق أخذت بعض الجمعيات باستراتيجية التنوع الخدمي الاجتماعي بأنشطة متعددة مثل دعم الشباب وبناء قدراتهم ومهاراتهم وتدريبهم وتهيئتهم لسوق العمل وغيرها من الأنشطة الصحية والتعليمية والثقافية التي تسهم في استدامة حركة التنمية بالمجتمع.

لقد اكتسب المواطنون حق التكوين للجمعيات الخيرية كمؤسسات مجتمع مدني تساهم في رفد الاقتصاد المحلي والنهوض بأعبائه، وحدد النظام آلية وشروطا لتكوين الجمعية أو المؤسسة الأهلية تبتدئ من جماعة لا يقل عددهم عن عشرة أشخاص من ذوي الصفة الطبيعة أو الصفة الاعتبارية، وحالة استكمل مقدمو الطلب الشروط يتقدمون إلى الوزارة المعنية بطلبهم، ويجب على الوزارة الرد على طلبهم في مدة أقصاها ستون يوما، وإلا اكتسبت الجمعية الصفة الاعتبارية بقوة النظام، وإذا تعذر تفعيل نشاط الجمعية وشهرها بوسائل الإعلام فإن لأعضائها المؤسسين التقدم إلى المحكمة الإدارية بدعوى الإلغاء، وتأخذ الدعوى صفة الاستعجال كما بينت ذلك المادة الـ40 من نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

إن الطبيعة القانونية للجمعيات والمؤسسات الأهلية أنها منظمات لها صفة اعتبارية وواقع قانوني وذمة مالية تجعل لها الاستقلالية بأنشطتها وأعمالها من خلال لوائحها وسياساتها وخططها المالية والتنموية، وتخضع طبيعتها إلى سلطان الإرادة في تكوينها وتسميتها واتجاهات نشاطها وفق إجراءات معينة حددها النظام، وتستمد شرعيتها ليس من نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية فقط إنما من النظام الأساسي للحكم والذي عبر بالمادة الـ27 بأن الدولة تشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية، مما جعل هنالك نقلة قانونية نوعية في تسهيل إجراءات تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، إضافة إلى أن هنالك تأكيدا على أرض الواقع من أن الدولة تسعى لرفد القطاع غير الربحي ليكون مساهما وشريكا لها في استدامة التنمية، فقد تضمنت رؤية المملكة 2030 استراتيجية لدعم القطاع الخيري وتفعيل دوره وسط المجتمع، غير أن القطاع الخيري نال عطاء سخيا من نائب خادم الحرمين الشريفين للجمعيات الخيرية بمنطقتي الرياض ومكة كخطوة أولى لتفعيل حراك نشاط هذا القطاع داخل المجتمع.