الحجر الأسود وأحجار الرمي.. جمادات تدب فيها الحياة

الاحد - 03 سبتمبر 2017

Sun - 03 Sep 2017

nnnnnnnu0627u0644u062du062cu0631 u0627u0644u0623u0633u0648u062f                                            (u0623u0646u0633 u0627u0644u062du0627u0631u062bu064a)
الحجر الأسود (أنس الحارثي)
في طريقك لرمي الجمرات ستشعر أن كل فؤادك يهفو إليها، يسابقك عليها، ستظن أنك في طريقك لتنتصر لتكون خلف خطى إبراهيم عليه السلام، وذلك حين استعان بسبع من الحصى ليتتبع خطى الشيطان في كل موضع كان يدعوه فيه إلى أن يعصي أمر ربه ولا يفرط بابنه إسماعيل، كان خوفه من أن يتمكن منه يجعله يركض خلفه ليخرسه، كذلك قصة حجة وداع النبي صلى الله عليه وسلم تتردد في أذنك.

في مسيرك كله تظن أن يديك جناحان، وأن قدمك لا تلامس الأرض، وأنت وحدك في ذكرى النبيين ودعواهم تحلق.

تصل لأول المشهد بين ألف طن من الجمرات، تملؤك الحيرة؛ أيها ستختار؟ وتتمثل صورة يدك ممدودة في محاولة للوصول إليها جميعا.

تقبض يدك على الجمرات السبع وكأن لها جذورا تمتد إلى قلبك، وكأن للحجارة ثأرا مع الشيطان، لست وحدك، ثمة جيش في يدك.

«الله أكبر» في الرمية الأولى، «الله أكبر» والصوت يعلو أكثر، «الله أكبر» وكل شيء حولك الآن يكبّر حتى الحجارة التي أصابت الشيطان.

«الله أكبر» وشق في صدرك يلتئم، «الله أكبر» وكل جوارحك تكبّر من خلفك، «الله أكبر» وكل شيطان يسقط، «الله أكبر» والطمأنينة تسكنك.

تغادر جمرات الرمي وتسير إلى طواف الوداع لتلتقي بالحجر الأسود وكأنك في اللقاء الأول، تقترب منه وتسبقه رائحته إليك، تغمض عينك كيلا ينقضي الموقف، ترى كيف أن الجميع يتدافع أمامك ليقبله، ليتحسسه ثم يقبل يديه.

تشعر بالحيوية في كل الأشياء تتسرب إليك وتتحد معك، في نظرة مودع لكل شعور هنا تغلق على المشاهد في عينك، ولن ينتهي أي مشهد ما دام الحجر الأسود أمامك يصافح كل يد.

تشير له بيدك وكأنه يرد عليك السلام، وكأنك في موقفك الآن تشتاق للجنة وترى جزءا منها على هذه الأرض، فيهدأ شوقك قليلا ويدك نحو الحجر الأسود ما زالت ممدودة.

ولن ينتهي بعد ذلك أي مشهد، ولن تنتهي الحياة من كل شيء حولك وفيك.