قلب المسلمين ينبض بالرحمة والتكاتف والحزم

أذرع الإرهاب سعت للنيل من المقدسات لكن المملكة استأصلته وجففت منابعه بكل حزم وعزم
أذرع الإرهاب سعت للنيل من المقدسات لكن المملكة استأصلته وجففت منابعه بكل حزم وعزم

السبت - 02 سبتمبر 2017

Sat - 02 Sep 2017

قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إن المملكة العربية السعودية تمثل قلب العالم الإسلامي وتستشعر آمال وآلام المسلمين في كل مكان. جاء ذلك خلال حفل الاستقبال السنوي لكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام، والذي أقيم في الديوان الملكي بقصر منى اليوم، بحضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان.

بداية الحفل

وفي بداية الحفل صافح خادم الحرمين الشريفين رئيس جمهورية السودان عمر حسن البشير، ورئيس جمهورية جامبيا آداما بارو، ورئيس جمهورية القمر المتحدة عثمان غزالي، ودولة نائب الرئيس اليمني الفريق أول علي محسن الأحمر، ودولة رئيس مجلس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل، ومفتي جمهورية مصر العربية الدكتور شوقي علام، والأمير حمزة بن الحسين، ورئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري، ورئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطروانة، ورئيس مجلس الشيوخ النيجيري الدكتور بوكلا ساراكي، ودولة رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) في النيجر أوسيني تيني، ونائب رئيس وزراء جمهورية موريشيوس شوكت سودهن، والأمير هاشم بن الحسين، ورئيس جمهورية بنجلاديش السابق عضو التحالف الحكومي الحاكم حسين محمد إرشاد، ونائب رئيس مجلس الشيوخ للجمعية الفدرالية لروسيا الاتحادية إلياس إماخانوف، ونائب الرئيس الأفغاني السابق ورئيس مجلس المصالحة الحالي محمد كريم خليلي، ونائب رئيس جمهورية القمر المكلف بوزارة النقل والاتصالات والمعلومات عبدالله سروما، ودولة رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي، وكبار المسؤولين في عدد من الدول الإسلامية.

ثم بدأ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم.

كلمة الملك

وقد ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الكلمة التالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في كتابه الكريم "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج".

والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

إخواني حجاج بيت الله الحرام

إخواني المسلمين في كل مكان

أيها الإخوة الحضور

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أرحب بكم من هذه الرحاب الطاهرة المقدسة التي تهفو إليها أفئدة المسلمين كافة، وأهنئكم بعيد الأضحى المبارك، سائلا المولى جلت قدرته أن يكتب لحجاج بيت الله الحرام حجا مبرورا وسعيا مشكورا ودعوة مستجابة، كما أحمده عز وجل على ما منّ به على ضيوف الرحمن من أداء مناسك حجهم في يسر وأمن وأمان.

لقد شرف الله هذه البلاد وأهلها بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، فسخرت كافة إمكاناتها البشرية والمادية لتمكين ضيوف الرحمن والتيسير عليهم في أداء حجهم، ونحن عازمون - بإذن الله - على المضي في تحقيق أعلى مستوى من الخدمات للحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة في تطوير مستمر ووفق منظومة متكاملة تهدف إلى المزيد من التيسير في أداء الحج وسلامة قاصدي بيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، مواصلين بأعمالنا الجهود العظيمة التي بذلها ملوك هذه البلاد المباركة منذ عهد مؤسسها جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله.

أيها الإخوة:

لقد سعت أذرع الإرهاب للنيل من المقدسات ولم تراع الحرمات، لكن المملكة بفضل الله وعونه وبالتعاون مع أشقائها وأصدقائها حققت نجاحات كبيرة في استئصال الإرهاب وتجفيف منابعه بكل حزم وعزم ودون هوادة.

أيها الإخوة:

إن المملكة العربية السعودية تمثل قلب العالم الإسلامي وتستشعر آمال وآلام المسلمين في كل مكان، وتسعى بكل جهد لتحقيق وحدة الصف والتعاون والتكاتف في عالمنا الإسلامي وتحقيق الأمن والسلم في العالم أجمع.

أسال الله العظيم أن يعين إخواننا حجاج بيت الله على إكمال نسكهم وأن يردهم إلى بلادهم سالمين غانمين، وكل عام وأنتم بخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عزيمة وهمة

بعد ذلك ألقى وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بنتن كلمة قال فيها: إن أبناءكم يا خادم الحرمين الشريفين في ميادين العمل يواصلون الليل بالنهار لخدمة ضيوف الرحمن تنفيذا لتوجيهاتكم السامية بالتفاني في خدمة حجاج البلد الحرام، ما لانت لهم عزيمة، ولا ضعفت لهم همة، في عمل تكاملي رفيع تتضافر فيه كل الأجهزة والمؤسسات وتنعكس فيه الخدمات الجليلة، والمشاريع العظيمة، التي ستظل علامة فارقة لهذا العهد المضيء في عمارة الأماكن المقدسة، والعناية بضيوف الرحمن.

آليات العمل

واستعرض بنتن الجهود التي بذلت في ظل توجيهات القيادة لتطوير آليات العمل للعناية بالحجاج، بدءا من سفارات المملكة في الخارج مرورا بمنافذ ومحطات الوصول وخدمات النقل والإسكان وبرامج التفويج للجمرات والمسجد الحرام وتجويد إدارة الحشود، لضمان سلامتهم حتى يعودوا إلى بلادهم سالمين غانمين.

وأكد أن لدعم الأمير محمد بن سلمان الأثر البالغ في تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل في موسم حج هذا العام، مما أسهم في تمكين ضيوف الرحمن من تأدية نسكهم في موسم ندعو الله أن يكون ناجحا ومميزا، منوها بمتابعة وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير عبدالعزيز بن سعود، ورجال الأمن والقوات المسلحة بكافة أفرعها، وللقطاع الأهلي في مؤسسات الطوافة، وللشباب السعودي المتطوعين - رجالا ونساء.

ندوة الحج

وقال: لقد وجهتم يا خادم الحرمين الشريفين بأن تعقد ندوة الحج الكبرى لقاءها هذا العام تحت عنوان (الحج منبر السلام من بلد الله الحرام)، حيث تمثل الندوة المشروع الثقافي الحضاري الذي يلتقي فيه علماء المسلمين في موسم الحج، لنشر قيم الإسلام السمحة، وتعزيز التلاحم والتواصل بين علماء ومفكري الأمة، حيث تناولت الندوة في بحوثها وحواراتها الدعوة للاعتدال والوسطية، والبعد عن التطرف والغلو، كما دعت إلى تعزيز قيم التسامح والرحمة.. والسلم والسلام. ولفت وزير الحج والعمرة إلى تفاني القائمين من مدنيين وعسكريين ومن القطاعين العام والخاص، في خدمة الحجاج والسهر على راحتهم وأمنهم، يتقدمهم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، وأمير منطقة المدينة المنورة الأمير الدكتور فيصل بن سلمان، ونائباهما، ورجال أمن بواسل قاموا بواجباتهم الأمنية على خير وجه، وسجلوا مواقف إنسانية رائعة سيحملها معهم الحجاج إلى بلدانهم كأجمل ذكرى في هذه الرحلة الإيمانية العظيمة.

وألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى كلمة أوضح فيها أن الشعور الإيماني الذي انعقد عليه قلب أكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم، يتجلى في هذا المشهد المهيب، متجاوزا وحدة الظاهر إلى نقاء الضمائر، وقد تحابوا في الله، كما أحبوا الخير لكل إنسان، ومثلما تلاقت أجسادهم تحت اسم وشعار واحد فإن أرواحهم أحوج ما تكون تلاقيا وقربا.

وأفاد بأن رابطة العالم الإسلامي تسعى وفق رؤيتها المتجددة إلى تعزيز تلك القيم في الوجدان الإسلامي، ومد جسور علاقة التبادل الإنساني مع الجميع، مشيرا إلى أنه كان واجبا عليها لتحقيق هذا الهدف إزالة أسوار حاجزة، نصبها التطرف والتوجس، وافتعلتها العصبية والكراهية، والحسابات المادية.

وقال: لم يشترك التطرف المحسوب زورا على الإسلام، والتطرف المضاد، "الإسلاموفوبيا" مثلما اشتركا في إقامة تلك الحواجز، وتضليل الإنسانية، وإذكاء صراعاتها، وقد رحب كل طرف بمجازفات الآخر، ولذا ركز الإرهاب أعماله اليائسة على الدول الأكثر تعايشا، من أجل خلق الصراع الديني والثقافي داخلها، وسيكسب الإرهاب رهانه متى حقق أهدافه من جرائمه، حيث حمله وضعه البائس على الاكتفاء بمجرد ظاهرتها الصوتية، ساعده على ذلك أنها لا تكلفه سوى عملية دهس أو سلاح أبيض، فيما يراهن على إثارتها للكراهية والتصعيد، محاولا نقل منطقة الاعتدال للمواجهة.

بلاد الأقليات

ولفت رئيس الرابطة إلى أن التطرف عمد خاصة في بعض بلاد الأقليات الإسلامية إلى نشر فقه التشدد، ولا سيما الفصل بين الهوية الدينية والوطنية، فعبأ المختطفين على دول احتضنتهم، وعلمتهم، ورعتهم وكافأت الفرص بينهم، حتى نازعوها في أنظمتها وثقافتها، وهم من وفد عليها بشرط احترام ذلك كله، وليس في دين الله غدر ولا خديعة، ولكل دينه وفكره.

وقال: لقد قرر التطرف في مناهجه كتبا نسبها لبعض علماء الإسلام، فأخذ منها وترك، وزاد وأنقص، وقد دلس على الناس قبل ذلك بما هو أعظم فأظهر بزعمه الأخذ بالكتاب والسنة، وما هي إلا المناورة على العناوين العريضة ليقتنص بها.

كلمة الوفود

ثم ألقى وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في جمهورية موريتانيا الإسلامية أحمد ولد أهل داود، كلمة الضيوف، قدم فيها باسمه ونيابة عن رؤساء وفود الدول الإسلامية في موسم الحج التهنئة بعيد الأضحى المبارك لخادم الحرمين الشريفين ولولي العهد، مشيدا بمستوى التنظيم المتقن لهذا الموسم الذي شكل إضافة نوعية في سلسلة نجاحات المملكة في تنظيم الحج.

وقال: لقد شهدت المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين رعاية متميزة كان لها الفضل في احتضان الأعداد الكبيرة من الحجاج والمعتمرين، خاصة في عهدكم الميمون يا خادم الحرمين الشريفين، حيث أبدعتم في تذليل الصعاب وأسستم لتنمية فعالة، وجعلتم خدمة الحجيج في مقدمة الأولويات، ورسمتم خططا ناجعة لتأمينهم وتفويجهم بانسيابية وانتظام، مما أتاح الفرصة لأعداد كبيرة من الشعوب الإسلامية كافة، لتأدية فريضة الحج بصدر رحب وتقدير واحترام.

وأضاف "يا خادم الحرمين الشريفين لقد عززتم العلاقات التاريخية مع الدول الإسلامية، تلك العلاقات الوطيدة المبنية على التعاون والاحترام المتبادل، وهو ما رسخ حبكم في قلوب المسلمين وجعلكم قدوة في الفضل، ونموذجا يحتذى به في القيم والأخلاق الرفيعة، وهو ما عبر عنه أحد الشعراء قائلا:

لآل سعود في الورى السبق والفخر ....... فيومهم نصر وليلهم بدر

ولقد جمعتم يا خادم الحرمين كل هذه الخصال والصفات ليصدق فيكم قول الشاعر:

كنت أحسبه في الدهر خير فتى .... فجاءني فوق ما كنت أحسبه

رعاية خاصة

وأشار إلى تعلق قلوب المسلمين وأفئدتهم بهذه البلاد منذ دعوة إبراهيم عليه السلام (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)، مرجعا كل ما تحقق من نجاح في هذا الموسم إلى رعاية خادم الحرمين الشريفين الخاصة، ورعاية ولي العهد ويقظة وإخلاص كل القائمين على شؤون الحج.

وقال وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني في ختام كلمته: لقد عشنا أياما مباركة في عبق الحب الرباني من خلال وجودنا في مرابع الوحي، حيث كان القرآن يتنزل والهدى المحمدي يؤسس لمنهج إلهي قائم على الحب والتسامح والأخلاق، ونحن إذ نغادر مهبط الوحي وقبلة المسلمين ليصدق فينا قول أحد شعراء شنقيط:

أتمسك دمع العين وهو ذروف وتأمن مكر البين وهو مخوف

تكلم منا البعض والبعض ساكت غداة افترقنا والوداع صنوف

فآلت بنا الأحوال آخر وقفة إلى كلمات ما لهن حروف

حلفت يمينا لست فيها بحانث لأني بعقبى الحانثين عروف

لئن وقف الدمع الذي كان جاريا لثَمّ أمور ما لهن وقوف

ختام الحفل

عقب ذلك صافح خادم الحرمين الشريفين، كبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج. ثم تناول الجميع طعام الغداء مع خادم الحرمين الشريفين.