شاهر النهاري

مملكة البحرين الأبية

الأربعاء - 23 أغسطس 2017

Wed - 23 Aug 2017

لقد تمكنت مملكة البحرين الحبيبة من فرض مكانتها على خارطة العالم الخليجي والعربي، وفي الشأن العالمي الدولي، وخصوصا بعد تلاحمها وتجانسها مع شقيقتها الكبرى السعودية، ومد جسور الحب والثقة والتعاون بينهما متوازية مع جسر الملك فهد، الذي قال فيه المرحوم غازي القصيبي:

درب من العشق لا درب من الحجر

هذا الذي طار بالواحات للجزر

ساق الخيام إلى الشطآن فانزلقت

عبر المياه شراعا أبيض الخَفَر

ماذا أرى؟ زورقا في الموج مندفعا

أم أنه جملٌ ما مل من سفر؟

مملكة، تحتوي على قدر عظيم من الوعي بالذات، وعدم التباهي، وعدم الخروج عن الصف، رغبة في قيمة منفردة.

وقد أبدع عرابها الأول الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة في زرع التوازن في دستورها ونظراتها وعمق جذورها، وأصالة بعدها العربي التاريخي، فكانت سياسته معتدلة، محتشمة، تطلب الخير لأهل وطنه، وتعز الذات عن مغبات الشر وأهله.

وقد تبينت مواقف العزة والقوة، ومعرفة الذات في عدة مواقف حدثت بالمملكة المسالمة مؤخرا، فرأينا مواقفها ضد أعمال التخريب التي اجتاحتها أثناء ما سمي بالربيع العربي، وكيف أن إيران، أشعلت نار الفتنة فيها، وكيف دخلت حكومة قطر لأضيق الزوايا، بغرض خلخلة الكيان البحريني، ولكن اليقين البحريني والرزانة، جعلتا المملكة تثبت لغيرها بأنها مملكة عز، وأن أهلها من السعودية والخليج هم أعوانها الحقيقيون متى ما لاحت الشرور.

وقد أظهرت البحرين في أزمة قطر الصدق والإخاء ووحدة المصير مع أهلها في الخليج ومصر، بالوقوف صفا واحدا ضد من يرغب في تفتيت بلدانهم، وجعلها مرتعا لإيران ولغيرها من المنظمات الإرهابية، والخارجة على القانون الدولي.

وقد ارتفع صوت وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة جليا خلال الأزمة، وفي مواقف سيذكرها التاريخ، فكان صوته نقيا عليا، وكان منطقه يكفي لرسم زوايا السياسة البحرينية.

وقد لمس العالم من كلماته ومواقفه حيال اتهام قطر للسعودية بتسييس الحج، ومطالبة المنظمات العالمية بتدويل الحج، كيف يكون الأخ، وكيف يكون العربي المسلم الشهم.

وبالأمس دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب البحريني علي العرادي، حكومة بلاده إلى مقاضاة حكومة قطر لتورطها الصريح والمباشر في دعم الجماعات المتطرفة في البحرين، كما طالب بتشكيل لجنة مركزية للنظر في شكاوى المتضررين جراء الدعم القطري للتطرف، إضافة إلى تشكيل فريق قانوني لرفع دعاوى ضد الدوحة لتدخلها في الشؤون الداخلية ومخالفتها لقواعد حسن الجوار والمواثيق القانونية الإقليمية والدولية.

ولم يكن كلام العرادي محض افتراء وتزوير، فالحقائق تتكشف، والأدلة صريحة موثقة حول تورط قطر في أعمال الإرهاب، التي شهدتها البحرين، وراح ضحيتها العشرات بمن فيهم شهداء الواجب، فضلا عن الآلاف من المصابين، إضافة إلى تضرر الأعمال التجارية في البلاد بشكل كبير، يستوجب الإسراع في المطالبة بتعويضات من الحكومة القطرية نتيجة ما قامت به من دعم للجماعات الراديكالية وإرهابها، والعودة بالحق الجنائي والمساءلة القانونية بما في ذلك طلب تدخل الإنتربول لضمان مثول المتهمين أمام القضاء.

مملكة البحرين يمكن أن تجامل، وتغض الطرف لمصلحة الخليج والعروبة، ولكنها لن تضام بعد اليوم إن صرحت بمكنون ذاتها الأبية.

@Shaheralnahari