عبدالله المزهر

الرقص على الحبال المطاطة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 22 أغسطس 2017

Tue - 22 Aug 2017

اختلف الزملاء العلماء والمنظرون في تويتر حول «المراهق الراقص» كما أطلقت عليه وسائل الإعلام. وكان رأي جمهور آل تويتر متوافقا مع شعار الموضة الحالي «لا بد من القبض عليه ومعاقبته». وهو شعار جميل ورنان أصبحنا نردده دائما مع كل فعل لا يعجبنا.

وكالعادة تفاعلت الجهات المختصة مشكورة «وضبطت» هذا المراهق. والحقيقة أني لا بد أن أفتي في هذا الأمر، لأن الفتوى في كل أمر شيء من أسباب وجودي في هذه الحياة الفانية. وإني أرى وفقني الله أن فعل هذا المراهق في أسوأ الاحتمالات ومع كثير من الامتعاض هو فعل «غير لائق»، لكنه لا يرقى إلى أن يكون شيئا يضبط بسببه ويستدعى للتحقيق.

وعبارة «الآداب العامة» التي يتهم بأنه خالفها عبارة مطاطية يمكن أن يدرج تحتها أي شيء إضافة إلى أنها تدل على معنى يمكن أن يتغير. فهل عمله يعتبر مخالفة للآداب العامة لأنه رقص في الشارع ظهرا في يوم عادي؟ وهل كان سيعتبر عمله مخالفا لتلك الآداب العامة لو رقص ليلا في اليوم الوطني؟

هل جريمته متعلقة بالفعل أم بالمكان أم بالزمان؟ لا أحد يملك إجابة واضحة على هذه التساؤلات، ولكن هذا لا يمنع من المشاركة، فالكثير لا يريد أن تفوته حفلة المطالبة باعتقال أحد ما، لأن الأمر يبدو ممتعا.

والسؤال الآخر الذي يسأله معاشر المحايدين في هذه القضية الوطنية الكبرى، هل الذين أعجبوا بتلك الرقصة كانوا سيعجبون بها لو أداها مراهق آخر على أنغام شيلة متلثما بشماغه؟

هذا السؤال تبدو إجابته معروفة ـ إلى حد ما، فالأفعال أصبحت تقبل وترفض بناء على الانتماء الفكري، وليس بناء على الفعل ذاته.

وعلى أي حال..

أظنكم ـ كلكم أو بعضكم ـ تعلمون أن الفكرة ليست في الحديث عن جريمة هذا المراهق الشنيعة التي اهتز لها عرش تويتر، أو عن فعله الجميل الذي أعجب البعض الآخر، وليس في «الهوس» بالمطالبة بمعاقبة الناس الذين لا يعجبوننا، لأنه أصبح هواية ممتعة، ولكن الفكرة تتعلق بمطاطية بعض القوانين والأنظمة التي يمكن تكييفها لتصلح لأي شيء وفي أي وقت. لأني أعتقد ـ والله أعلم ـ أن ضبط المخالفين لا يتم عبر استفتاءات في تويتر وبناء على ما يطلبه المغردون وحسب المزاج السائد أثناء ارتكاب الفعل.

agrni@