عبدالله الجنيد

مفتاح صنعاء

الثلاثاء - 22 أغسطس 2017

Tue - 22 Aug 2017

حرب البيانات المستعرة بين صالح والحوثي حول تظاهرة ميدان السبعين تتجاوز الاستعراض السياسي إلى رسائلها السياسية. فكلاهما يدرك أن كرسي ميدان السبعين سيحدد من سيتفاوض مع الرياض في تسليم صنعاء، وربما ضمان دور سياسي مستقبلي له.

علي عبدالله صالح يدرك معطى التحول الإقليمي الخاص من القوى السياسية التقليدية (الحوثي والإخوان)، لذلك يمثل الفوز بصنعاء خالصة له ليقدمها قربان ضمان بقاء حزبه لاعبا أساسيا في يمن ما بعد الحرب، وصالح يعرف أنها فرصته الأخيرة. وما كان له اتخاذ هذا القرار لولا وجود قوات التحالف على مشارف صعدة.

قيمة صنعاء سياسيا بعد حسم أمر الحديدة وتعطل الأدوات الصينية المستترة في هذا الملف بعد تفضيل موسكو لمخرج سياسي في الملف السوري ربما قد يكون أكثر مواءمة مع واشنطن والرياض.

لذلك سهل عليها تقديم مصالحها في المتوسط على حساب أخرى في القرن الأفريقي. كذلك لصنعاء رمزيتها في إنهاء المعاناة الإنسانية، فحسم الصراع بتسليمها سيفتح الباب لإنهاء ملف معاناة اليمن من وباء الكوليرا، وذلك هو مطلب المجتمع الدولي الأول الآن.

الضمانات التي سوف يطالب بها صالح ستكون لحزبه في حال حاز هو صنعاء خالصة له وفاوض على تسليمها، وقد يرى أكثر من طرف دولي أن ذلك مقبول بالمقارنة مع خيارات لن تؤسس لعملية استقرار واقعي لتحقيق عملية الانتقال من الحرب إلى السلم.

أما وطنيا، فإن المؤتمر الشعبي يطمح ليرث حزبي الإصلاح والحوثي. الحاوي صالح سيحضر إلى طاولة المفاوضات بثلاثة أشياء، أولها صنعاء، ثانيا القوة العسكرية المحتكمة على مخازن صواريخ سكود (الحرس الجمهوري)، ثالثا حسم الصراع بأقل تكلفة سياسية في الشمال.

وهو يدرك خطورة هذه المناورة، إلا أن اعتقاده بأنه سيخرج من ميدان السبعين منتصرا مهما كانت النتائج لافتراض أن التحالف لن يفرط في قيمة الموقف من الناحية التكتيكية سياسيا أو عسكريا.

لكن، ماذا لو قررت الرياض تبني خيار آخر بدل الدخول في مفاوضات مباشرة مع الطرف المنتصر، وكل منهما لا يمثل مصداقية سياسية، وفضلت اعتماد التريث والتفاوض مع منتصر منهك.

أو ربما قد يكون هذا الصراع الشعرة القاصمة لظهري صالح والحوثي، والتي قد تنتج معطاها الخاص صنعانيا بانقلاب أهلها عليهما معا، فالصراع حال حدوثه سيوفر المناخ المناسب لتحقيق الزخم الشعبي المطلوب للحراك الرافض لكليهما، وما قد يتجاوزهما في المعادلة اليمنية.

وبذلك يتحقق هدف سياسي ذو أبعاد استراتيجية وعلى رأسها تحجيم كل القوى التقليدية التي أنتجها نظام صالح.

في أحد الأيام اختزل يمني المشهد السياسي في المثل التالي، وأرجو أن لا تخونني الذاكرة، يقول المثل «لما يتقاتل الحربان، حرص على زادك».

@aj_jobs