محمد العوفي

شاهد على العصر!

الاثنين - 21 أغسطس 2017

Mon - 21 Aug 2017

مثلما كان الجيل السابق شاهدا على عصر الطفرة بما عاصروه من أحداث اقتصادية وسياسية كانت مفصلية في تاريخ الدولة الفتية آنذاك، ودونوا تفاصيلها بقصص تروى ونجاحات تذكر، سيكون بعد عشرات السنين جيلنا الحالي شاهدا على أحداث العصر الذي نعيشه بحلوها ومرها، وسيتذكر هذا الجيل الخطوة الأولى من مشوار الألف ميل في تنويع الاقتصاد وإصلاحه بإعلان برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية السعودية 2030، وستكون شهادة العصر مختلفة نوعا ما لأن التاريخ في العقود المقبلة ستكتبه لغة الأرقام وحدها، لأنها لم تترك شيئا إلا ودخلته، حتى دهاليز السياسة لم تسلم من تأثيرها بعد أن أصبح الاقتصاد المحرك الأول لكل شيء، ويتقاطع مع كل شيء.

شهادة العصر المقبلة سيكون الاقتصاد وما يرتبط به من توظيف وموارد وتنمية اجتماعية الجانب الأكثر حضورا والأقوى في ذاكرة الجيل الحالي، وستكون هذه الشهادة ناصعة البياض فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد عندما ننجح في تقليص تأثير النفط وعائداته في ميزانية الحكومة، ونخلق اقتصادا قويا ومنتجا يعيش بعيدا عن كنف الإنفاق الحكومي، وتكون المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي من تقود قاطرة النمو وتسهم بشكل كبير في الناتج المحلي.

وفي المقابل، سيسجل التاريخ شهادات سلبية في جوانب أخرى إن لم تتحرك الوزارات المعينة لتصحيح وضعها بما يسمح بتسجيل شيء إيجابي لها في ذاكرة العصر، فوفقا للوضع الحالي سيسجل التاريخ شهادته أن جامعتنا تتسابق على التعاقد مع أعضاء هيئة تدريس غير سعوديين أقل مستوى وتأهيلا من نظرائهم السعوديين حاملي شهادة الدكتوراه الذين ترفض توظيفهم تحت ذرائع متعددة، وبعض منهم شهاداتهم من جامعات وهمية لا وجود لها، وغير معترف بها من قبل الإدارة العامة لمعادلة الشهادات الجامعية، وأن وزارة التعليم تمارس الصمت المطبق عما يحدث في أروقة الجامعات من تجاوزات، وأن الجامعات عادت لتكريس المناطقية في قبول الطلاب، وتوظيف أعضاء هيئة التدريس.

وستطال شهادة العصر وزارة الإسكان التي احتفت وأعلنت بأن 12% بما يعادل سبعة آلاف مواطن من أصل 53 ألف مواطن صدرت لهم قروض عقارية بطريقة التمويل المدعوم تمت الموافقة على تمويلهم من قبل البنوك ومؤسسات التمويل الأخرى، وتجاهلت الرقم الأكبر 88% الذي لا يزال مصير قروضهم معلقا،

وكل الاحتمالات واردة تجاه رفض إقراضهم أو منحهم مبالغ أقل لا تكفي لبناء منازلهم، ولا تزال تراهن على برنامج سيسهم في إثراء البنوك ومؤسسات التمويل والمطورين على حساب المواطن البسيط وأموال الحكومة التي ستذهب فوائد للبنوك ومؤسسات التمويل بغير رجعة.

وسيكون لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية الحيز الأكبر من شهادة العصر الأكثر سلبية في ظل عجزها عن إيقاف ارتفاع نسب البطالة الذي بلغ 12.7% في الربع الأول من العمل الجاري، وانتشار السعودة الوهمية مدعومة ببرنامج نطاقات، وغيره من البرامج التي بلغت العشرات دون نتائج تذكر، والمادة 77 من نظام العمل التي أسهمت في الفصل التعسفي للمواطنين دون أن تحرك ساكنا، وإلى جانب الصمت حيال بطالة غير السعوديين بعد أن كشف تقرير سوق العمل الأخير وجود نحو 53,084 متعطلا غير سعودي، يمثل الذكور منهم نحو 66% بنحو 34.865 متعطلا، و34% منهم إناث.

mohdalofi@