عبدالله المزهر

إعادة التدوير والتسول.. وشيء من الشخصنة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 20 أغسطس 2017

Sun - 20 Aug 2017

إعادة التدوير واستخدام الأشياء التي انعدمت الفائدة من استخدامها لما صنعت من أجله شيء جميل ويدل على قدرة الإنسان، الدول، المجتمعات على الابتكار وخلق فائدة من الأشياء غير المفيدة.

والسعوديون لديهم إبداعاتهم في هذا المجال، ويبدعون في تحويل الأشياء غير المفيدة إلى أشياء يمكن استخدامها لأغراض جديدة وكأنها صنعت خصيصا لها. فهم ـ على سبيل المثال ـ يحولون أكواب الجبن من شيء عديم الفائدة إلى أكواب لشرب الشاهي، ويستخدمون الصحف لتنظيف الزجاج وسفر للطعام ـ خاصة الإفطار ـ ومن أكثر الأمور التي أبدع السعوديون في إعادة استخدامها بشكل فعال مع أنها عديمة الفائدة لا هدف ولا غاية ولا عمل لها هو تحويلهم إدارات مكافحة التسول إلى مكاتب لانتظار العاملات المنزليات اللواتي لا يستقبلن من قبل كفلائهن. وهو أمر يشبه استخدام أكواب الجبن لشرب الشاهي، ربما يكون الاختلاف الوحيد أن كوب الجبن كان مفيدا لحفظ الجبن ثم أصبح مفيدا ككوب للشاهي، بينما مكافحة التسول لم تكن مفيدة قبل أن تتحول إلى كوب لتكديس العاملات المنزليات.

والحقيقة أني أشفق على أي أحد يقف بجوار إشارة مرور في الظهيرة وفي درجة حرارة تبلغ الخمسين حتى لو كان مجرما كتب على جبهته «كافر»، ولذلك فإن من هو دون ذلك أولى بالشفقة. ولكن الأمر لا علاقة له بالإنسانية ولا بالرحمة. الأمر يتعلق بالفوضى وأغلب هؤلاء غير صادقين ودخل واحدهم أكثر من دخل المحل التجاري الذي يتسول بجانبه.

ولذلك ومن باب طرح الحلول بدلا من النقد غير المفيد، وبما أنه لا يلوح في الأفق أية مبادرات أو عمل حقيقي للقضاء على هذه الظاهرة، ولأن مكاتب مكافحة التسول عديمة الفائدة تقريبا والأموال التي تصرف عليها مجرد هدر لا طائل منه، فإني أقترح أن تتولى هذه الإدارات مهمة إصدار تصاريح للمتسولين بحيث يصبح عملهم شرعيا ويدفعون ضرائب ورسوما لاستخدام الأرصفة والطرقات، وبذلك يستفيد الوطن من المتسولين ومن إدارات مكافحة التسول، ونعيش جميعا في رغد ونعيم وحب وسعادة.

وعلى أي حال..

أعترف أن دوافعي للكتابة عن هؤلاء يعتريها شيء من «الشخصنة» لأن الأمر أصبح ظاهرة مقلقة وخطيرة وأصبح المتسولون في إشارات المرور أكثر من المتسولين على أعمدة الصحف وشاشات التلفزيون وحسابات تويتر الموثقة، وهذا أمر يهدد أحد أهم مصادر دخلنا نحن معاشر الإعلاميين.