القوة الناعمة السعودية وتطبيقاتها

الاحد - 20 أغسطس 2017

Sun - 20 Aug 2017

منذ أن أبرز الاستراتيجي الأمريكي «جوزيف ناي» مصطلح «القوة الناعمة» الذي يشير إلى أدوات غير عسكرية تستطيع من خلالها الدول كسب تأييد الحكومات واستقطاب الشعوب وتوجيه القناعات؛ وهناك تنافس واضح على التسلح بهذه الأدوات لا يقل ضراوة عن التسلح بالعتاد الحربي.

تتميز أسلحة «القوة الناعمة» للسعودية بسمات قد لا تتوافر لدول أخرى إقليمية وعالمية منها «أصالة» هذه الأدوات ووفرتها.

ويقصد بالأصالة أن أغلب ما تستخدمه المملكة للتأثير في الرأي العام العالمي نابع من مقومات طبيعية للدولة أو حضارة راسخة أو قدرات بشرية أصيلة غير مشتراة أو منتحلة.

فإذا نظرنا إلى أهم مصادر القوى الناعمة للبلاد سنجد أنها القيادة الروحية للعالم الإسلامي نتيجة لتواجد أماكن الشعائر المقدسة للمسلمين مما جعل المملكة قبلة ملايين الأفئدة حول العالم.

من ناحية أخرى لم تعتمد المملكة على هذه الخصيصة الموهوبة وحسب، وإنما سعت بجهد لا ينكر إلى التفاني في خدمة الزوار من الحجاج والمعتمرين الأمر الذي ولد شعورا عارما بالامتنان لما ينفق من مجهود وأموال لتيسير حياة الملايين على مدار الساعة.

أما من الناحية السياسية فقد حرصت المملكة منذ النشأة والتكوين على يد الرعيل الأول من مؤسسيها على ترسيخ قواعد عدم الانحياز لأي من الأقطاب العالمية.

هذا الحيادية جعلتها تكتسب صفة «الوسيط النزيه» الذي يلجأ إليه كحكم عند الصراعات وفض الخلافات.

كما جعل من القضايا التي تتبناها المملكة والتحالفات التي تسعى لتكوينها محل احترام وتقدير من أغلب القوى العالمية وقد اتضح ذلك عند تكوين «التحالف الدولي الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب» في نهايات عام 2015 ميلادية.

لا يمكننا ونحن نتحدث عن القوة الناعمة للسعودية أن نغفل النواحي المالية والاقتصادية إذ استطاعت المملكة عبر تواجدها الفاعل والمؤثر في سوق النفط العالمي خدمة قضايا الأمة العربية، وقد ظهر ذلك بوضوح عندما استخدمت سلاح حجب النفط في حرب 1973 مما أسفر عن تغيير كبير في مواقف وسياسات الدول الغربية.

وكذلك استقطاب خطط التنمية الداخلية لملايين العاملين من دول أجنبية وإسلامية وعربية من أسلحة القوى الناعمة الفعالة؛ إذ يتأثر هؤلاء المقيمون بثقافة المملكة وتوجهاتها الفكرية والسياسية فضلا عن أنهم يصبحون سفراء لها في بلادهم.

وقد التفتت المملكة مؤخرا إلى نمط جديد من القوة الناعمة ألا وهو ثقافة الترفيه التي غزت بها الولايات المتحدة الأمريكية العالم منذ فترة طويلة فجاءت رؤية «السعودية – 2030» لتدعم هذا الجانب بإقامة الحفلات والمهرجانات وتشجيع الشركات الترفيهية العالمية على إقامة مشروعاتها داخل المملكة مما يجعل من المدن السعودية مناطق جذب للسائحين من مختلف دول العالم.

يبقى أن تعمل المملكة على زيادة تسلحها من هذه الأدوات وتحديثها فالمناخ مهيأ لكسب خطوات أوسع في هذا المجال خاصة في ظل ما يشهده العالم من انحسار نفوذ القوى التقليدية.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال