أحمد صالح حلبي

عقاب المطوفين يكون منهم

السبت - 19 أغسطس 2017

Sat - 19 Aug 2017

المتابع لخدمة المطوفين المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، يلحظ أنه قبل عقود مضت وتحديدا حينما كانت «وزارة الحج والأوقاف»، شكلت لجان أطلق عليها «لجان المراقبة والمتابعة الذاتية»، كانت مهامها ومسؤولياتها متعددة لا منحصرة، فهي مسؤولة عن متابعة الخدمات التي يقدمها المطوفون للحجاج، وخدمات شركات نقل الحجاج، وخدمات مكتب الزمازمة الموحد، وكان جل العاملين باللجان من الشباب صغار السن طلاب المرحلة الثانوية وقلة نادرة من طلاب الجامعة.

وحينما تولى معالي الدكتور محمود بن محمد سفر مسؤولية وزارة الحج أثير مسمى اللجان، خاصة بعد أن أصبحت كلمة «الذاتية» مرافقة للمسمى، فطرحت على معاليه فكرة إلغاء كلمة «الذاتية»، فهي «تقوم الأمور أو الحكم على المظاهر أو الأحداث أو الأشخاص من وجهة نظر شخصية بتأثير من الميول والعواطف والقيم. وفي العادة تكون منحازة. وهي نقيض الموضوعية التي تحاول تحديد الحقيقة من دون انحياز»، وقد استجاب معاليه لمطلبي فألغيت «الذاتية» وأصبح مسمى اللجان «لجان المراقبة والمتابعة».

غير أن هذه اللجان التي جمعت البعض من المراقبين الجيدين الذين نفخر بهم وبتواجدهم، دخل إليها البعض من الباحثين عن التسلط وفرض الشخصية، فسعت الوزارة للعمل على تطوير أداء اللجان من خلال استقطاب الكوادر الجيدة والمؤهلة من الشباب السعودي من المعلمين وطلاب السنوات النهائية بالجامعات، فأعمال اللجان هي الإشراف والمتابعة للخدمات والعمل على توفير أفضل الخدمات للحجاج وليس فرض العقوبات.

وسعت مؤسسات الطوافة من جانبها للعمل على تطوير أداء لجان المراقبة والمتابعة بها من خلال اختيار أفضل العناصر، ووضع الخطط والبرامج الجيدة، فالهدف ليس العقوبة وتطبيقها.

وإن كانت مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا وغيرها من المؤسسات قد حملت على تغيير مسمى لجانها باعتبار أن عمل اللجان هو تطوير الخدمات، والتطوير لا يأتي بالعقوبة، بل بالعمل الجاد والدراسة العلمية والعملية.

وفي موسم حج هذا العام التقيت بأخي الأكبر الدكتور طارق كوشك عضو مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا، وسعدت بالاستماع لحديثه الشيق الذي حمل طموحات وأفكارا علمية راقية.

وزادت سعادتي حينما علمت أنه تولى مسؤولية رئاسة ما كان يعرف بـ «لجان المراقبة والمتابعة» بالمؤسسة، فكانت خطوته الأولى العمل على تغيير مسمى «اللجنة المركزية للمتابعة والتوجيه»، ونجح في الحصول على موافقة تغيير المسمى من «قطاع المراقبة والمتابعة» في مؤسسة مطوفي حجاج تركيا إلى مسمى «اللجنة المركزية للمتابعة والتوجيه».

وللدكتور طارق كوشك وجهة نظر علمية فهو يرى أن «اللجنة تتابع مدى تنفيذ الأوامر والقرارات والأنظمة والتعليمات ذات العلاقة ثم تسعى لتوجيه المعني بالأمر إلى ما هو صحيح في حال اكتشاف أي تقصير أو التباس. ثم بعد ذلك يعود الأمر لصاحب الشأن إما بتصحيح المسار أو تحمل تبعات عدم الالتزام».

ويؤمن الدكتور طارق بنظرية «أن المطوفين لا ينبغي أن يكونوا محل مراقبة لأنهم فوق ذلك، بل هم من ينبغي أن يراقبوا الغير ليضمنوا حسن خدمة ضيوف الرحمن»، ومثل هذه الخطوات العملية وإن كانت تحمل دافعا معنويا قويا للمطوفين فإنها تؤكد بأن عقاب المطوفين يكون منهم أنفسهم، وهم أكبر من أن يعاقبهم الآخرون لتقصير في الأداء.

[email protected]