من خطب الجمعة

الجمعة - 18 أغسطس 2017

Fri - 18 Aug 2017

البلد الأمين

«لله تعالى الحكمة البالغة فيما يصطفي من خلقه ويختار، وليس لأحد من الأمر والاختيار شيء، ومن هذا تفضيل بعض الشهور على بعض قال تعالى «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم»، والله سبحانه وتعالى اختص الأشهر الأربعة بما لم يكن لغيرها، ونهى عن الظلم فيها وإن كان على كل حال عظيما، وفي كل الشهور محرما، إلا أنه في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا، والزمان المقصود في الأشهر الحرم وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ويكفي شهر ذي الحجة شرفا أن العشر الأول منه قد اختصت بما ليس لغيرها من أيام السنة، وشرف المكان فهذه مكة البلد الحرام أقدس بقعة على وجه الأرض، وهي مقصد كل عابد وذاكر، فكفاها شرفا ورفعة، وأقسم بها في كتابه الكريم فقال «وهذا البلد الأمين»، وجعلها حراما على خلقه أن يسفكوا فيها دما حراما، أو يظلموا فيها أحدا أو يصيدوا صيدها أو يقطعوا شجرها، وهذه الأجواء العظيمة المباركة يأتي موسم حج بيت الله العتيق الذي جعل الله قلوب الناس تهوي إليه وترق لذكره وتخشع عند رؤيته إجلالا لله وتعظيما لشعائره، وها هي قوافل الحجيج وطلائع وفود الرحمن تتقاطر على البيت العتيق من كل فج عميق، وتفد إليه من أصقاع الأرض البعيدة والقريبة، وها هم حجاج بيت الله وعماره يتوافدون إلى البلد الحرام يحدوهم الشوق وتدفعهم الرغبة، منفقين في سبيل الله الأموال، تاركين الأهل وفلذات الأكباد غير مبالين بما يلاقونه من المتاعب والمشاق في هذه الرحلة المباركة، وهذا المؤتمر العظيم والجمع الكبير الذي يرفع فيه شعار التوحيد يغيظ أعداء الدين، ويعد عقبة كؤودا في سبيل تحقيق مآربهم ونشر باطلهم وترويج معتقداتهم الفاسدة لقد شرقت نفوسهم وحصرت صدورهم وعلموا أنهم مهما بذلوا من جهود وأنفقوا من أموال ليصدوا عن سبيل الله ويخرجوا الناس من دينهم لن يستطيعوا تحقيق بغيتهم».

فيصل غزاوي - الحرم المكي

الحج المبرور

«إن من وفق وكتب له الحج فليتعلم أحكامه وأعماله ويعمل بها ليكون حجه مبرورا، وأعظم أعماله أركانه وهي نية الدخول في النسك بالإحرام والوقوف بعرفة وطواف الزيارة بعد ليلة مزدلفة والسعي، فمن ترك الوقوف فاته الحج، ومن ترك ركنا فلا يتم الحج إلا به، وتشمل واجبات الحج الإحرام من الميقات والوقوف إلى الغروب والمبيت بمنى ومزدلفة إلى نصف الليل والرمي والحلق والوداع، ولا حرج في تقديم بعض أعمال الحج على بعض في يوم النحر، مع إخلاص النية لله عز وجل والاجتهاد في أنواع القربات بكثرة الذكر والتلاوة والإحسان وبذل الخير وكف الشر والابتعاد عن محظورات الإحرام وأن لا يعرض المسلم حجه للمبطلات، ومن جاء للحج بنية الأذية للمسلمين والإضرار بهم أو إدخال المشقة عليهم أو المكر بهم أو تدبير المكائد لهم، فإن الله له بالمرصاد، فقد كفى الله المسلمين شره وأرداه عمله، إذ هو محارب لله عز وجل ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومن حارب الله ورسوله فهو مخذول مخزي هالك، وشواهد التاريخ ظاهرة بذلك، وعلى المسلم تعظيم حرمات الله عز وجل، ويرعى حقوق أخوة الإسلام ويحافظ عليها، لا سيما خلال أيام الحج المباركة».

علي الحذيفي - الحرم النبوي