عبدالله المزهر

الإعلام والحرية والعبودية والمخنثون وأشياء أخرى!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 17 أغسطس 2017

Thu - 17 Aug 2017

توجد معايير أخلاقية اتفقت عليها البشرية بكافة أديانها ومللها ونحلها منذ بداية وجود هذه الكائنات على هذا الكوكب الصغير السابح في الكون اللامتناهي.

آمنوا بكثير من القيم المشتركة مثل الكرم والعطف والرحمة والإحسان والأمانة إلى آخر تلك المشتركات البشرية، وكفروا بعكسها. وبغض النظر عن عمل هذه الكائنات بهذه القيم فإنها قيم صمدت منذ بدء الخليقة حتى هذه الأيام.

لكن هذا الصمود في طريقه لأن يكسر، ومعايير الصواب والخطأ أصبحت متغيرة. فالصدق في طريقه إلى مغادرة معسكر الفضيلة والالتحاق بمعسكر الرذيلة حيث يوجد الكذب الذي لم يعد وجوده منطقيا هناك ويقترب كثيرا من إتمام صفقة الانتقال ليكون القائد الجديد لفريق الصفات الحميدة.

والسؤال الذي يبدو مهما هو: ما الذي تغير في البشر لينقضوا اتفاقا صمد آلاف السنين؟!

أظن أن المتغير الجديد هو «الإعلام» الذي أصبح وحده من يحدد معايير الصواب والخطأ وما الذي يجب أن يفعله ويقوله ويلبسه ويأكله ويؤمن به الناس. لم يعد للمجتمعات مساحة كافية لتكون حرة بما يكفي للإيمان بقيمها الخاصة. المجتمعات الآن مجرد عبيد مكبلين بأغلال الإعلام. وأسوأ ما في هذه العبودية الجديدة أنها توهم العبيد الجدد أنهم أحرار، بينما هم في واقع الأمر يعيشون في أكثر عصر استعبد فيه الإنسان الذي يعيش الآن عصرا من العبودية لم تعرفه السلالة البشرية من قبل. كانت الأغلال فيما مضى توضع على الأيدي والأرجل أما الآن فإن العقول هي المكبلة.

وخطر قوة الإعلام في نعومتها، فهي لا تأتي بشكل مباشر وعنيف يمكن مقاومته، وهي تكبل العقل بتدرج وخفة حتى يأسر الكثير من العبيد الذين يستمرون في إيمانهم الوهمي أنهم أحرار.

من أمثلة «الاستعباد» الجديد ما تفعله السينما والدراما تجاه قضية «المخنثين» أو المثليين كما يسمون حاليا، فمن النادر الآن أن تجد فيلما أو مسلسلا غربيا لا تقحم فيه قصة لا علاقة لها بقصة العمل الفني، يكون محورها علاقة مثلية وإظهارها على أنها أمر طبيعي. وهذا أدى تدريجيا إلى تغيير نظرة الكثير من المستعبدين تجاه هؤلاء، وأصبح مجرد الاستعاذة من الشذوذ يعد سافرا على حقوق البشر إلى آخر هذه الأسطوانة التي تعرفون.

وعلى أي حال..

دون الشذوذ من الكبائر يوجد كثير من القضايا التي نؤمن بها الآن على أنها من المسلمات مع أنها ليست كذلك، ولكننا تناولنا على مر سنوات جرعات «تعبيد» أدت بنا إلى الإيمان المطلق بما لا يؤمن به.

agrni@