فواز عزيز

حتى الوزير يتظلم ويشتكي

الأربعاء - 16 أغسطس 2017

Wed - 16 Aug 2017

• وأنا أشاهد مقطع فيديو يوثق أسلوب أحد الوزراء مع من جاؤوا إليه متظلمين من جور نظام حرمهم حقا من حقوقهم -كما يقولون ويعتقدون- فلم يكن رده وأسلوبه لطيفين رغم أنه لم يخطئ حسب نظامه، إلا أن أسلوبه كان محل انتقاد لدى الكثير.. فتذكرت قصة رواها وزير سابق عن نفسه وزملائه حين كانوا طلابا فاشتكوا للملك من جور نظام جديد طبق عليهم.

• القصة يرويها وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمد الرشيد في كتابه «مسيرتي مع الحياة»، حيث يقول: صدر نظام جديد يعطى بموجبه خريجو كليات العلوم الطبيعية والتطبيقية مرتبة أعلى من خريجي الكليات النظرية، وكانوا قبل ذلك سواسية، فأثار النظام الجديد الرشيد وأمثاله من المعيدين خريجي الكليات النظرية، فاجتمع مع عدد من زملائه وكتبوا خطابا لجلالة الملك فيصل، رحمه الله، وأوضحوا فيه اعتراضهم على هذا التمييز، ووقعوا عليه واختاروا «محمد الرشيد» وزميليه «ناصر الرشيد وعبدالرحمن الجماز» لحمل الخطاب إلى الملك.

ويقول الرشيد، اختارني رئيس المراسم الملكية -آنذاك- للحديث أمام الملك، فدخل هو وزميلاه، وأخذ يقرأ الخطاب على الملك فيصل رحمه الله، يقول: وكان الملك مصغيا بعناية واهتمام لمدة 15 دقيقة دون أن يتكلم.. وبعد استماعه لخطابهم واعتراضهم لم يتذمر ولم يرفض طلبهم، بل قال لهم الملك: «هذا قرار مجلس الوزراء والأمر بيد المجلس، وسنعرض عليه وجهة نظركم»، وأرسل معهم شخصا لمقابلة رئيس الديوان الملكي الشيخ صالح العباد، رحمه الله، الذي وعدهم بمتابعة الموضوع.. ويروي «الرشيد» بأنه تم ابتعاثهم قبل أن يقضى في الموضوع.

• تذكرت تلك القصة

وجالت في ذهني مقارنة بين مسؤولين في التعامل مع شكاوى المواطنين، وسعة صدر الملك فيصل في السماع لتذمر المتذمر من قرار حكومي، وحسن احتوائه للشكاوى بطريقة نظامية وأسلوب لطيف، بينما يضيق صدر وزير من شكاوى المواطنين، وحين لا يقتنعون برفضه لشكواهم يطالبهم بالتوجه إلى المحاكم لمقاضاته إن كان على خطأ..!

• ربما معالي الوزير لم يخطئ؛ لكن الحقيقة أن أسلوبه يعقد الموضوع أكثر، ويزيد تذمر الشاكين، وهو بأسلوبه هذا يوحي بأنه لا يريد حل المشكلات بل تعقيدها لتدخل في دوامات ربما لا تصل نتيجتها إلا بعدما يغادر المنصب..!

• أكثر ما يريده المشتكي هو قبول شكواه والاستماع له، لكن بعض المسؤولين لا يريد الاستماع، لذلك تجده يتحدث مع المشتكي أكثر من استماعه له، فيبرر قبل أن يعرف أسباب شكوى المشتكي، ويضيق بكثرة كلام المشتكي فيهرب عبر طرق نظامية تستفز من جاء إليه مستنجدا به لحل مشكلته..!

• الشكوى والاعتراض حق من حقوق المواطن، وهذه قصة وزير سابق كان يشتكي من جور نظام حين كان خريجا في الجامعة، ويروي استقبال الملك له ولزملائه المعترضين، واستماعه لهم برحابة صدر، والأخذ بوجهة نظرهم إلى مجلس الوزراء، وكأنه ينوب عنهم في جلسة مجلس الوزراء.