عبدالله المزهر

إني مستشاركم الأمين فادفعوا!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 16 أغسطس 2017

Wed - 16 Aug 2017

من الأمثال التي تقال: كانت النصيحة تشترى بالمال، أو كانت النصيحة بجمل، باعتبار الجمل هو العملة المتداولة في ذلك الوقت الذي لا يعرفه أحد. وكنت أعتقد أن النصيحة لم تكن كذلك، وأن هذه الأمثال تأتي من باب المبالغة في الثناء على أعمال الناصحين. ولحث المنصوحين على تقبل النصائح التي تقدم مجانا من قبل من عصرتهم الحياة إلى الذين ستعصرهم. فالعصر في الغالب الأعم سيحدث بنصيحة أو بدونها.

لكن الحقيقة أن هذه الأيام أثبتت لي أن المثل الذي يقول إن النصائح كانت سلعة مثل مبني على واقع ما. ومن المؤكد أن قائل المثل كان يتحدث عن مكاتب استشارية كانت موجودة في عصور سابقة.

وفي العصر الحالي يقول ديوان المراقبة العامة إن قيمة عقود الاستشارات التي أبرمتها الجهات الحكومية المشمولة برقابتهم خلال العام الماضي بلغت قرابة 12 مليار ريال.

وهذا يعني أن مبلغا آخر ـ قد يكون أقل وعلى الأرجح أنه أكثرـ قد صرفته الجهات غير المشمولة برقابة الديوان على الاستشارات وطلب النصح من الناصحين المحليين والدوليين.

هناك مقولة لا أعرف قائلها ـ يبدو أنه تاجر نصائح ـ تقول: «من يأبى اليوم قبول النصيحة التي لا تكلف شيئا سوف يضطر في الغد إلى شراء الأسف بأغلى الأثمان». وأظن قائلها كان سيتردد كثيرا قبل الحديث عن «رخص النصيحة» لو علم أنه سيأتي بعده أقوام يطلبون النصيحة مقابل اثني عشر ألف ألف ألف ريال.

ولعل المشكلة الكبرى ليست في ضخامة المبالغ المدفوعة للاستشارات، بل في عدم العمل بها ولا تطبيقها، وأغلبها استشارة من أجل الاستشارة فقط، لأن بعض المسؤولين يرون أن التعاقد مع مكاتب الاستشارات «برستيج» لا بد منه لصنع صورة المسؤول الباحث عن الحلول.

وعلى أي حال..

لعل تصريح ديوان المراقبة هذا فرصة سانحة لكي ننصح الجهات الحكومية وغير الحكومية أن تمارس عملها المطلوب منها الآن، وأن تؤجل التفكير في إعادة اختراع العجلة إلى وقت لاحق، وتترك البحث عن النصائح التي تكلف أكثر مما يكلفه العمل نفسه، وأن تبحث بنفسها في داخل أروقتها عن معوقات عملها. وهذه استشارة أقدمها لتلك الجهات ولا أطلب أكثر من 10% من تلك المبالغ التي دفعت للمكاتب الاستشارية، فأنا لست جشعا كما قد تتوقعون.

agrnic@